الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
39 - ذكر نمرود ، وعظم سلطانه ، وعتوه وتمرده ، وتسليط الله تعالى أضعف خلقه عليه احتقارا له ، وتهاونا بشأنه

985 - 1 حدثنا محمد بن هارون ، حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا عبد الله بن وهب ، حدثنا ابن زيد بن أسلم ، في قوله - تبارك وتعالى - : ( ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه ) ، قال : " هو نمرود بن كنعان ، وكان بالموصل ، والناس يأتونه ، فإذا دخلوا عليه ، قال : من ربكم ؟ فيقولون : أنت ، فيقول أميروهم ، فلما دخل إبراهيم - صلى الله على نبينا وعليه وسلم تسليما كثيرا - ، ومعه بعير ، خرج يمتار لولده . قال : فعرضوهم كلهم فيقولون : من ربك ؟ فيقولون : أنت ، فيقولون : أميروهم حتى عرض إبراهيم - عليه السلام - مرتين ، فقيل : من ربك ؟ فيقول : ربي الذي يحيي ويميت ، قال : أنا أحيي وأميت ، إن شئت قتلتك وأمتك ، وإن شئت استحييتك . فقال إبراهيم : ( فإن الله يأتي بالشمس من المشرق ، فأت بها من المغرب ، فبهت الذي كفر ) ، [ ص: 1510 ] فقال : أخرجوا هذا عني ، فلا تميروه شيئا ، فخرج القوم كلهم قد امتاروا ، وجوالقا إبراهيم - صلى الله على نبينا وعليه وسلم - يصطفقان حتى إذا نظر إلى سواد جبال أهله . قال : لو أني ملأت هذين الجوالقين من البطحاء ، فذهبت بهما قرت أعين صبياني ، فإذا كان الليل أهرقته ، قال : فملأهما ثم خيطهما ، ثم جاء بهما ، فنزل عليه الصبيان وفرحوا ، وألقى رأسه في حجر سارة ساعة ، ثم قالت : ما يحبسني قد جاء إبراهيم - عليه السلام - ، لو قد قمت وصنعت له طعاما إلى أن يقوم ، قال : فأخذت وسادة فأدخلتها مكانها ، وانسلت قليلا قليلا ؛ لئلا توقظه ، فجاءت إلى إحدى الغرارتين ففتحتها ، فإذا بحواري لم ير مثله عند أحد قط ، [ ص: 1511 ] فأخذت منه فعجنته وصنعته ، فلما فرغت أتت توقظ إبراهيم - عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام - ، جاءته به حتى وضعته بين يديه ، فقال : أي شيء هذا ؟ يا سارة ! قالت : هذا من جواليقك ، لقد جئت وما عندنا قليل ولا كثير ، قال : فذهب ، فنظر إلى الجوالق الآخر ، فإذا هو مثله ، فعرف من أين ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية