الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1032 - 31 حدثنا محمد بن هارون ، حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا ابن وهب ، حدثنا ابن زيد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله عز وجل لما أراد أن يخلق آدم - عليه السلام - بعث ملكا ، والأرض يومئذ وافرة ، فقال : اقبض لي منها قبضة ائتني بها أخلق منها خلقا ، قالت : فإني أعوذ بأسماء الله تعالى أن يقبض اليوم مني قبضة يخلق منها خلقا يكون لجهنم منه نصيب ، قال : فعرج الملك ، ولم يقبض منها شيئا ، فقال له : ما لك ؟ قال : عاذت بأسمائك أن أقبض منها خلقا يكون لجهنم منه نصيب ، فلم أجد عليها مجازا ، فبعث آخر ، فلما أتاها قالت له مثل ما قالت للأول ، فعرج ، ولم يقبض منها شيئا ، فقال له الرب تبارك وتعالى مثل ما قال للأول ، ثم بعث الثالث ، فقالت له مثل ما قالت لهما ، فعرج ، ولم يقبض منها شيئا ، فقال له الرب تبارك وتعالى مثل ما قال للذين قبله ، ثم دعا إبليس ، واسمه يومئذ في الملائكة " حبابا " ، فقال له : اذهب فاقبض من الأرض قبضة ، فذهب حتى أتاها ، فقالت له مثل ما قالت للذين قبله من الملائكة ، فقبض منها قبضة ، ولم يسمع تحرجها ، فلما أتاه قال الله تبارك وتعالى : ما أعاذتك بأسمائي [ ص: 1564 ] منك ؟ قال : بلى ، قال : فما كان في أسمائي ما يعيذها منك ؟ قال : بلى ، ولكن أمرتني ، فأطعتك ، فقال الله تعالى : لأخلقن منها خلقا يسود وجهك " أو نحو ذلك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فألقى الله عز وجل تلك القبضة في نهر من أنهار الجنة حتى صارت طينا ، فكان أول طين ، ثم تركها حتى صارت حمأ مسنونا منتن الريح ، ثم خلق منها آدم ، ثم تركه في الجنة أربعين سنة حتى صار صلصالا كالفخار يبس حتى صار كالفخار ، ثم نفخ فيه الروح بعد ذلك ، وأوحى الله عز وجل إلى ملائكته إذا نفخت فيه الروح ، فقعوا له ساجدين ، قال : وكان آدم مستلقيا في الجنة ، فجلس حين وجد مس الروح ، فعطس ، فقال الله عز وجل له : احمد ربك ، فقال : الحمد لله ، فقال : يرحمك ربك ، قال : فمن هنالك سبقت رحمته غضبه ، وسجدت الملائكة إلا هو قام ، فقال : ( ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك أستكبرت أم كنت من العالين ) فأخبر الله عز وجل أنه لا يستطيع أن يعلو على الله تعالى ، ما له تكبر على صاحبه ، فقال : ( أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج ) فقرأ حتى بلغ ( ولا تجد أكثرهم شاكرين ) وقال الله تعالى : إن إبليس قد صدق عليهم ظنه ، وإنما كان ظنه أن لا يجد أكثرهم شاكرين . [ ص: 1565 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية