الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1148 - 68 حدثنا إبراهيم بن محمد السني ، حدثنا محمد بن علي بن العباس المروزي ، عن علي بن سهل بن المغيرة ، حدثنا محمد بن عبيد الله بن أبي ثمامة الأنصاري ، حدثنا أحمد بن نصر بن مالك الخزاعي ، قال : " أصاب جارية عجمية شيء من أهل الأرض ، فكانت تسقط ، قال أحمد بن نصر : فقلت له : يا هذا ، عمدت إلى جارية لنا فآذيتنا بأذاك إياها ، قال : فتكلمت الجارية بكلام فصيح ، قال أحمد بن نصر : إنما أراد سفيه من سفهائنا أن يدخل فيها ، فمنعته بدخولي ، وأنا خارج عنها ، ولست أعود ، ولكن يا أحمد ، إذا قمت بالليل تريد الوضوء للصلاة فلا تضع يدك على الحائط ، فإنك تضعها على بعضنا ، فتؤذينا ، ومر أختك فلانة لا تنكشف بالليل ، قال : فقلت له : قد أوليتنا معروفا ، فعلمنا شيئا نحترز به منكم ، قال : ائتوني بداوة وقرطاس ، فقال : علي بداوة وقرطاس ، قال : اكتب : " الحمد لله الذي رفع [ ص: 1694 ] السماء ، ووضع الأرض ، ونصب الجبال ، وأجرى البحار ، وأظلم الليل ، وأضاء النهار ، وخلق ما يرى وما لا يرى ، لم يحتج فيه إلى عون أحد من خلقه ، وفرق الأديان ، فجعل أخص الأديان الإسلام ، فسبحانك ! ما أعظم شأنك لمن تفكر في قدرتك ، علوت بعلوك ، ودنوت بدنوك ، وقهرت خلقك بسلطانك ، فالمعادي لك منهم في النار ، والمذلل لك نفسه منهم في الجنة ، أمرت بالدعاء ، وضمنت الإجابة ، أنت القوي ، فلا أحد أقوى منك ، وأنت الرحيم ، فليس أحد أرحم منك ، رحمت يوسف ، فنجيته من الجب ، ورحمت يعقوب ، فرددت عليه بصره ، ورحمت أيوب ، فكشفت عنه بلاءه ، ورحمت يونس ، فنجيته من بطن الحوت ، أسألك ، وأرغب إليك ، فإنك مسؤول ، لم يسأل مثلك ، يا قاصم الجبابرة ، ويا ديان الدين الذي يحيي العظام وهي رميم ، ويا مجيب المضطرين ! قضيت لخلقك على أن يمروا على أدق من الشعر ، وأحد من السيف على وادي جهنم ، فأنقذت من شئت ، وأغرقت من شئت منهم في نار جهنم ، أنت ابتليت فلان ابن فلانة بهذه الأوجاع ، والأسقام ، والرياح ، وأنت القادر على الذهاب به ، فأذهب به يا أرحم الراحمين " ، ثم يقرأ بعدما تكلم بهذا الدعاء : ( ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء ) إلى قوله : ( فهم لا يعقلون ) ، ( اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء ) إلى قوله : ( الرازقين ) ، ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) إلى قوله : ( سبيلا ) ، ( وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ) [ ص: 1695 ] إلى آخر السورة ، ( فحملته فانتبذت به مكانا قصيا ) إلى قوله سبحانه : ( إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ) ، ثم يقرأ : ( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض ) إلى قوله : ( من المحسنين ) ، ثم تعمد إلى كوز حديد فيه ماء عذب ، وتدعو بهذه الدعوات ، وتقرأ هذا القرآن في الكوز ، وتستأمن به النظر والجنون ، ومن كان به شيء من أهل الأرض ، فتسقيه جرعة ، وجرعتين ، ثم تأخذ كفا من ذلك الماء ، فتنضح به وجهه ، فإنه يذهب ما به عنه بإذن الله تعالى عز وجل إن شاء الله تعالى " .

التالي السابق


الخدمات العلمية