الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
231 - 42 حدثنا أحمد بن محمد بن شريح ، حدثنا محمد بن رافع ، حدثنا إسماعيل ، حدثني عبد الصمد ، قال : سمعت وهبا رحمه الله تعالى ، يقول : " إن حزقيل كان في ما سبى بخت نصر مع [ ص: 604 ] دانيال من بيت المقدس ، فزعم حزقيل أنه كان نائما على شاطئ الفرات ، فأتاه ملك وهو نائم ، فأخذ برأسه فاحتمله حتى وضعه في خزانة بيت المقدس ، قال : فرفعت رأسي إلى السماء ، فإذا السماوات منفرجات دون العرش ، فبدا لي العرش ومن حوله ، فنظرت إليهم من تلك الفرجة ، فإذا العرش ، إذ نظرت إليه مطلا على السماوات والأرضين ، وإذا نظرت إلى السماوات والأرضين رأيتهن متعلقات ببطن العرش ، وإذا الحملة أربعة من الملائكة ، لكل ملك منهم أربعة وجوه : وجه إنسان ، ووجه نسر ، ووجه أسد ، ووجه ثور ، فلما أعجبني ذلك منهم نظرت إلى أقدامهم فإذا هي في الأرض على عجل تدور بها ، قال : وإذا ملك قائم بين يدي العرش ، له ستة أجنحة ، لها لون كلون ، وريح ، لم يزل ذلك مقامه منذ خلق الله عز وجل [ ص: 605 ] الخلق إلى أن تقوم الساعة ، فإذا هو جبريل عليه السلام ، قال : وإذا ملك أسفل من ذلك ، أعظم شيء رأيته من الخلق وإذا هو ميكائيل ، وهو خليفة على ملائكة السماء ، وإذا ملائكة يطوفون بالعرش منذ خلق الله عز وجل الخلق إلى أن تقوم الساعة ، يقولون : قدوس قدوس ، الله القوي ملأت عظمته السماوات والأرض ، وإذا ملائكة أسفل من ذلك ، ولكل ملك منهم ستة أجنحة : جناحان يستر وجهه عن النور ، وجناحان يغطي بهما جسده ، وجناحان يطير بهما ، وإذا هم الملائكة المقربون ، وإذا ملائكة أسفل من ذلك ، منهم الساجد ، ومنهم القائم ، لم يزالوا كذلك منذ خلق الله عز وجل الخلق إلى أن تقوم الساعة ، وإذا ملائكة أسفل من ذلك سجود منذ خلق الله عز وجل الخلق إلى أن ينفخ في الصور ، فإذا نفخ في الصور رفعوا رؤوسهم ، فإذا نظروا إلى العرش قالوا : سبحانك ، ما كنا نقدرك حق قدرك ، ثم رأيت العرش تدلى من تلك الفرجة ، فكان قدرها ، ثم أفضى إلى ما بين السماء والأرض ، فكان يلي ما بينهما ، ثم دخل من باب الرحمة ، فكان قدره ، ثم أفضى إلى المسجد فكان قدره ، ثم وقع على الصخرة فكان قدرها ، ثم قال : يا ابن آدم ، قال : فصعقت ، وسمعت صوتا لم أسمع مثله قط ، قال : فذهبت أقدر ذلك الصوت فإذا قدره كعسكر اجتمعوا فأنحبوا بصوت واحد [ ص: 606 ] ، أو كفئة اجتمعت فتدافعت ، فلقي بعضها بعضا ، أو هو أعظم من ذلك ، قال حزقيل : فلما أصعقت ، قال : أنعشوه فإنه ضعيف خلق من ضعف ، ثم قال : اذهب إلى قومك فأنت طليعتي كطليعة الجيش ، من دعوته منهم فأجابك واهتدى بهديك فلك مثل أجره ، ومن غفلت عنه حتى يموت ضالا فعليك مثل وزره لا يخفف ذلك من أوزارهم شيئا ، ثم عرج بالعرش فاحتملت حتى رددت إلى شاطئ الفرات ، فبينما أنا نائم على شاطئ الفرات إذ أتاني ملك ، فأخذ برأسي فاحتملني حتى أدخلني جيب بيت المقدس ، فإذا أنا بحوض ماء لا يجوز قدمي ، ثم أفضيت منه إلى الجنة ، فإذا شجرها على شطوط أنهارها ، وإذا هو شجر لا يتناثر ورقه ، ولا يفنى ثمره ، وإذا فيه الطلع والينع ، والقطيف ، قلت : [ ص: 607 ] فما لباسها ؟ قال : ثياب كثياب الحور تنفلق على أي لون شاء صاحبه ، قلت : ما أزواجها ؟ ، قال : عرض علي فذهبت لأقيس حسن وجوههن فإذا هن لو جمع الشمس والقمر ، كان وجه إحداهن أضوأ منها ، وإذا لحم إحداهن لا يواري عظمها ، وإذا عظمها لا يواري مخها ، وإذا هي إذا نام عنها صاحبها استيقظ وهي بكر ، قال : فعجبت من ذلك ، قال حزقيل : فقيل لي : أتعجب من هذا ؟ قلت : ما لي لا أعجب ؟ قال : فإنه من أكل من هذه الثمار التي رأيت خلد ، وإن الأزواج من هذه الأزواج قد انقطع عنهم الهم والحزن ، قال : ثم أخذ برأسي فردني حيث كنت ، قال حزقيل : فبينما أنا على شاطئ الفرات أتاني ملك فأخذ برأسي واحتملني حتى وضعني بقاع من الأرض قد كانت فيه معركة ، وإذا فيه عشرة آلاف قتيل ، قد بددت الطير والسباع لحومهم ، وفرقت بين أوصالهم ، فقال لي : إن قوما يزعمون أن من مات منهم أو قتل فقد انفلت مني وذهبت عنه قدرتي ، فادعهم ، قال حزقيل : فدعوتهم فإذا كل عظم قد أقبل إلى مفصله الذي منه انقطع ، ما الرجل بصاحبه أعرف من العظم بمفصله الذي فارق ، حتى أم بعضها بعضا ، قال : ثم نبت عليها اللحم ، ثم نبتت العروق ، ثم انبسطت الجلود ، وأنا أنظر إلى ذلك ، ثم قال : ادع [ ص: 608 ] أرواحهم ، قال حزقيل : فدعوتها فإذا كل روح قد أقبل إلى جسده الذي فارق ، فلما جلسوا سألتهم : فيم كنتم ؟ ، قالوا : إنا لما متنا وفارقتنا الحياة لقينا ملكا يقال له : ميكائيل ، فقال : هلموا أعمالكم ، وخذوا أجوركم ، كذلك سنتنا فيكم وفيمن كان قبلكم ، وممن هو كائن بعدكم ، قال : فنظر في أعمالنا فوجدنا نعبد الأوثان ، فسلط الدود على أجسادنا ، وجعلت أرواحنا تتألم ، وسلط الغم على أرواحنا ، وجعلت أجسادنا تألمه ، فلم نزل نعذب كذلك حتى دعوتنا ، قال : ثم احتملني فردني حيث كنت " .

التالي السابق


الخدمات العلمية