الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
294 - 33 ثم كذلك حدثني عبد الله بن سلم ، عن أحمد بن محمد بن غالب بن خالد الباهلي ، حدثنا محمد بن إبراهيم بن العلاء ، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني ، حدثني عبد الصمد بن معقل ، [ ص: 706 ] عن وهب بن منبه رحمه الله تعالى ، قال : " وجدت في التوراة : كان الله ولم يكن شيء قبله في تغيبه عن الخلق ، ولا يقال : كيف كان ؟ وأين كان ؟ وحيث كان لمن كيف الكيف ، وحيث الحيث ، وأين الأين ، فأول شيء خلق من الأشياء أن قال : كن ، فكون عرشه ، فارتفع العرش على مقدار ما أراد الملك الجبار ، وسما بالعظمة وتعالى ، ثم قال : كن ، فكون الكرسي ، ثم استوى الله عز وجل على العرش ، قال الله تبارك وتعالى : ( الرحمن على العرش استوى ) والكيف مجهول ، والجواب فيه بدعة ، والسؤال فيه تكلف ، ثم قال : كن ، فكون لوحا من درة بيضاء ، حافتيه ياقوتة حمراء ، عرضه ما بين المشرق والمغرب ، وطوله ما بين السماء و الأرض ، ثم قال للعرش : خذ اللوح ، فأخذه ، ثم قال جل وعز : كن ، فكون القلم وله ثلاثمائة وستون سنا ، بين كل سن بحر من نور يجري ، ثم قال للقلم : اجر في اللوح ، فقال : يا رب ، بم أجري ؟ ، قال : اجر بعلمي بما هو كائن إلى يوم القيامة ، فجرى القلم بما هو كائن في اللوح إلى يوم القيامة ، ولله تبارك وتعالى في اللوح في كل يوم ثلاثمائة وستون لحظة ، يعز ذليلا ، ويذل عزيزا ، ويرفع وضيعا ، ويضع رفيعا ، ويحيي ويميت ، ويفعل ما يشاء ، والله تبارك وتعالى لا ينام ، ولا ينبغي له أن ينام ، يخفض القسط ويرفعه ، واضع يمينه لمسيء النهار ليتوب بالليل ، ولمسيء الليل ليتوب بالنهار ، حتى تطلع الشمس من مغربها ، ثم قال الجليل جل ذكره : كن ، فكون رداء الكبرياء ، وهو مما يلي وجه ربنا عز وجل ، ثم قال : كن ، فكون حجاب العزة ، وتحته خمسون ألف عام ، وبين حجاب العزة وحجاب الكبرياء خمسون ألف عام ، ثم قال : كن ، فكون حجاب العظمة ، وتحته خمسون ألف عام ، وبين حجاب العظمة وحجاب العزة خمسون ألف عام ، ثم قال : كن ، فكون سبعين ألف [ ص: 707 ] حجاب من غمام ، وهي حجب الجبروت ، تحت كل حجاب سبعون ألف عام ، وبين كل حجاب وحجاب سبعون ألف عام ، وهي الحجب التي يبرز فيها الرب تبارك وتعالى للخليقة ، فذلك قول الله عز وجل : ( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة ) في غير ظل ، ثم قال : كن ، فكون عشرة آلاف حجاب من نار ، وتحت كل حجاب خمسمائة عام ، وبين كل حجاب وحجاب خمسمائة عام ، ثم قال : كن ، فكون عشرة آلاف حجاب من ثلج ، وتحت كل حجاب خمسمائة عام ، وبين كل حجاب وحجاب خمسمائة عام ، ثم قال : كن ، فكون عشرة آلاف حجاب من نور ، وتحت كل حجاب خمسمائة عام ، وبين كل حجاب وحجاب خمسمائة عام ، ثم قال : كن ، فكون عشرة آلاف حجاب من نور ، وتحت كل حجاب خمسمائة عام ، وبين كل حجاب وحجاب خمسمائة عام ، ثم قال : كن ، فكون عشرة آلاف حجاب من در ، وتحت كل حجاب خمسمائة عام ، وبين كل حجاب وحجاب خمسمائة عام ، ثم قال : كن ، فكون عشرة آلاف حجاب من ياقوت ، وتحت كل حجاب خمسمائة عام ، وبين كل حجاب وحجاب خمسمائة عام ، ثم قال : كن ، فكون عشرة آلاف حجاب من لؤلؤ ، وتحت كل حجاب خمسمائة عام ، وبين كل حجاب وحجاب خمسمائة عام ، ثم قال : كن ، فكون عشرة آلاف حجاب من ذهب ، وتحت كل حجاب خمسمائة عام ، وبين كل حجاب وحجاب خمسمائة عام ، ثم قال : كن ، فكون عشرة [ ص: 708 ] آلاف حجاب من لجين ، وتحت كل حجاب خمسمائة عام ، وبين كل حجاب وحجاب خمسمائة عام ، فاحتجب الرب تبارك وتعالى قبل أن يخلق الخلق رحمة منه للخلق بمائة ألف حجاب وثلاثة وسبعين ألف حجاب ، ولولا ذلك ما أدرك سبحات وجهه هنالك شيئا إلا أحرقه ، ثم قال : كن ، فكون النار تحت العرش ، أولها في علم الله ، وآخرها في إرادة الله تعالى ، معلقة بقدرة الله تعالى ، ثم كون النور تحت العرش ، أوله في علم الله ، وآخره في إرادته ، معلق بقدرته ، ثم كون الظلمة بحرا تحت العرش ، أوله في علم الله ، وآخره في إرادة الله عز وجل ، معلق بقدرة الله عز وجل ، ثم قال : كن ، فكون الماء بحرا تحت العرش ، أوله في علم الله ، وآخره في إرادة الله عز وجل ، معلق بقدرة الله ، ثم قال : كن ، فكون سبعين ألف ملك ، لهم الشعر والوبر حول الفلك ، ثم قال : كن ، فكون الجو وكون من الجو الخافقين ، وكون من الخافقين النفسين ، وكون من النفسين النور ، وكون من النور الهوى ، وكون من الهوى الضياء ، وكون من الضياء الظلمة ، وكون من الظلمة النور ، وكون من النور الماء ، وخلق من الماء كل شيء حي ، ثم قال : كن ، فكون ملك الفرقان ، ثم أمره : أن خذ اللوح ، فتربع واللوح في حجره " . [ ص: 709 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية