الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
337 - 32 حدثني عبد الله بن سلم ، عن أحمد بن محمد بن غالب ، حدثنا محمد بن إبراهيم بن العلاء ، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم ، قال : [ ص: 754 ] حدثني عبد الصمد ، عن وهب رحمه الله تعالى ، قال : " ثم إن الله عز وجل أراد أن يخلق حملة العرش ، فقال : كن ، فكون من الملائكة بعدد القطر ، والمطر ، والشجر ، والورق ، وكل رطب ، ويابس في بر أو بحر ، ولم يكن هنالك قطر ، ولا مطر ، ولا شجر ، ولا ورق ، ولا رطب ، ولا يابس ، ولا سماء ، ولا أرض ، ولا خلق مخلوق ، ولا أجل معدود ، ولا رزق يقوت ، ولا شمس ، ولا قمر ، ولا نجم يزهر ، ولا ليل داج ، ولا نهار ذات أبراج ، ولكن كان في علمه المحيط أن سيخلق ذلك كله ، بما جرى في اللوح ، وكتبه القلم ، وملائكة متراصة أقدامهم ، متلازقة أكتافهم ، مصطكة مناكبهم ، ثم قال لهم : أقلوا العرش ، فما قدروا على إقلاله ، ثم قال : كن ، فأمدهم بصف ثان أمثالهم سبعة أضعاف في الشدة والقوة ، والنجدة ، والشجاعة ، والغلظة ، والعظمة ، ملائكة متراصة أقدامهم ، مصطكة مناكبهم ، متلازقة أقدامهم ، ثم قال لهم : أقلوا العرش ، فما قدروا على إقلاله ، ثم قال لهم : كن ، فأمدهم بصف أمثالهم ، سبعة متلازقة أكتافهم ، أنصافهم الأعلى من النار ، وأنصافهم الأسفل من الثلج ، فلا ذلك النار يذيب الثلج بحره ، ولا ذلك الثلج [ ص: 755 ] يطفئ النار ببرده ، ثم قال لهم : أقلوا العرش ، فما قدروا على إقلاله ، ثم قال : كن ، فأمدهم بصف رابع أمثالهم ، سبعة أضعاف ، ملائكة أنصافهم من البرق الخاطف ، وأنصافهم من الرعد القاصف ، ثم قال لهم : أقلوا العرش ، فما قدروا على إقلاله ، فأمدهم بصف خامس : ملائكة أنصافهم من الريح العاصف ، وأنصافهم من السحاب العاكف ، فلا ذلك العاصف يزيل ذلك العاكف ، ولا ذلك العاكف يزيل ذلك العاصف ، ثم قال لهم : أقلوا العرش ، فما قدروا على إقلاله ، ثم أمدهم بصف سادس أمثالهم ، أنصافهم من الظلمة ، وأنصافهم من النور ، فلا ذلك النور يذهب سواد الظلمة ، ولا تلك الظلمة تذهب بذلك النور ، ثم قال لهم : أقلوا العرش ، فما قدروا على إقلاله ، ثم قال : كن ، فأمدهم بصف سابع أمثالهم ، ملائكة أنصافهم من الدر ، وأنصافهم من الزمرد ، فلا ذلك الدر يذهب شعاع ذلك الزمرد الأخضر ، ولا ذلك الزمرد يزيل شعاع ذلك الدر ، ثم قال لهم : أقلوا العرش ، فما قدروا على إقلاله ، فقال الله عز وجل : وعزتي وجلالي وارتفاعي فوق عرشي ، وعلوي على خلقي وعظمتي ، لو أمددتكم بأمثالكم ، وأضعافكم أبد الآبدين ، ودهر الداهرين ما قدرتم على إقلاله إلا بي ، فقولوا : لا حول ولا قوة إلا بالله ، فقالوها : فاستقل العرش على رؤوسهم ، فعظم عليهم ، ومدت أرجلهم تهوي ، فأمر الله عز وجل الملك أن يكتب اسمه الأعظم تحت أرجلهم ، فاستقل العرش على رؤوسهم ، فالله تبارك وتعالى حامل عرشه ، لا من حاجة إليهم ، ولكن استعبدهم ، فإذا أماتهم حمل الله عز وجل عرشه كما كان بديا " . [ ص: 756 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية