الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
440 - 11 حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الكريم ، حدثنا حمدون بن عباد ، حدثنا علي بن عاصم ، حدثنا داود بن أبي هند رحمه الله تعالى قال : " بلغني أنه كان لداود صديق من بني إسرائيل فكان داود عليه السلام معجبا به فكان مجلسه وحديثه للرجل حتى غبطه بنو إسرائيل " . قال : " فلما [ ص: 902 ] مات داود ، وولي سليمان عليهما السلام قال في نفسه : من أصطنع من بني إسرائيل في مجلسي وحديثي ؟ قال : ما أعلم أحدا أحق بذلك من هذا الشيخ أن يناجى الذي توفي رسول الله داود صلى الله على نبينا وعليه وسلم ، وهو عنه راض . قال : فاتخذه لنفسه " . قال : " وكان سليمان عليه السلام مهيبا لا يبتدأ بشيء حتى يكون هو الذي يسأله عنه " . قال : " فأدنى مجلس الشيخ حتى كان هو الذي يلي سريره ، فربما قعد سليمان عليه السلام على سريره " . قال : " فيسند الشيخ ظهره إلى سرير سليمان عليه السلام " . قال : " حتى غبطه جنود سليمان عليه السلام ، فقيل له : ادخل عليه كل يوم دخلة يسأله عن حاجته ، ثم لا يبرح حتى يقضيها له " . قال : " وكان سليمان عليه السلام إذا قعد على سريره ، وأذن لجنوده فدخلوا عليه دخل عليه ملك الموت صلى الله على نبينا وعليه وسلم عليهما في صورة رجل فيسأله كيف هو ، ثم يقول له : يا رسول الله ، ألك حاجة ؟ فإن قال : نعم ، لم يبرح حتى يقضيها له ، وإن قال : لا ، انصرف عنه إلى الغد " . قال : " فقعد سليمان عليه السلام يوما أشد ما كان بملكه " . قال : " وقعد الشيخ إليه فأسند ظهره إلى سرير سليمان ، وأذن لجنوده فدخلوا عليه من الإنس والجن وسواهم فجعلوا ينظرون إلى الشيخ مسندا ظهره إلى سرير سليمان فيغبطونه ، فدخل عليه ملك الموت عليه السلام في صورة رجل ، فقام فسلم فقال سليمان عليه السلام : كيف بات في ليلته الماضية ؟ ، ثم قال : ألك حاجة يا رسول الله ؟ قال : لا " . قال : " ولحظ إلى الشيخ لحظة [ ص: 903 ] ، فارتعد الشيخ " . قال : " وانصرف ملك الموت عنهم " . قال : " فوثب الشيخ على رجلي سليمان فأخذهما ، وجعل يقبلهما ، فقال : يا رسول الله ، كيف كان رضي رسول الله صلى الله عليه وسلم داود عني ؟ قال : حسن . قال : فكيف رضاك عني ؟ قال : حسن . قال : فإني أسألك بحق الله أن تأمر الريح فتحملني فتقذفني بأقصى مدرة من أرض الهند . قال : وهو يرتعد في ذلك . قال : قال له سليمان : ولم ؟ قال : هو ذلك أسألك بحق الله إلا ما أمرت الريح فتحملني فتلقيني بأقصى مدرة من أرض الهند . قال : قال سليمان : نعم ، فأخبرني لم ذلك ؟ قال : ألم تر إلى الرجل الذي دخل عليك قام فسلم ، ثم سألك كيف بت في ليلتك الخالية ؟ لحظ إلي لحظة فما تمالكت رعدة . فقال له سليمان عليه السلام : هل إلا رجل نظر إليك ؟ قال : هو ما أقول لك . فدعا سليمان عليه السلام الريح ، فقال : احتمليه فألقيه بأقصى مدرة من أرض الهند . فاحتملته فصعدت به ثم تصوبت به فألقته بأقصى مدرة من أرض الهند " . قال : " قول الله عز وجل : ( رخاء حيث أصاب ) ، قال : ليس باللينة ولا بالعاصفة وسط ، غدوها شهر ، ورواحها شهر ، فإذا أراد غير ذلك كان ما أراد ، فظل سليمان عليه السلام يومه ذلك بأشر يوم " قال : " وبات ليلته بأشد ليلة حزنا [ ص: 904 ] عليه فلما أصبح سليمان عليه السلام غدا قبل مجلسه الذي كان يجلس فيه ، وأذن لجنوده فدخل عليه ملك الموت صلى الله عليهما في صورة رجل ، فسلم فسأله كيف بات في ليلته الماضية , فأخبره ، قال : يا رسول الله ، ألك حاجة ؟ قال سليمان عليه السلام : الحاجة غدت بي إلى هذا المكان فذهب يخبره رضي داود عن الشيخ ، ورضاه عنه ، واستئناسه به ، ثم قال : كان ما كان به . قال : يقول له ملك الموت : حسبك يا رسول الله ، ما ينقضي عجبي منه ، هبط إلي كتابه أمس أن أقبض روحه غدا مع طلوع الفجر بأقصى مدرة بأرض الهند فهبطت به وما أحسبه إلا ثم ، فدخلت عليك فإذا هو قاعد معك فجعلت أتعب وأنظر إليه ما لي هم غيره فهبطت عليه اليوم ، والذي بعثك بالحق مع طلوع الفجر فوجدته بأقصى مدرة من أرض الهند ينتفض فقبضت روحه ، وتركت جسده هناك " . [ ص: 905 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية