الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
31 - أخبرنا أبو بكر بن (النقور) أنبا أبو طالب اليوسفي أنبأ أبو علي بن المذهب أنبأ أبو بكر القطيعي ثنا عبد الله بن أحمد ثنا أبي ثنا عفان ثنا همام بن يحيى قال : سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك ، أن مالك بن صعصعة حدثه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسري به قال : بينا نحن في الحطيم - وربما قال قتادة في الحجر (مضطجع) إذ أتاني آت ، فذكر الحديث ، قال : (ثم [ ص: 120 ] أتيت) بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض يقع (خطوه) عند (أقصى) طرفه قال فحملت عليه ، فانطلق بي جبريل عليه السلام ، حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال جبريل : قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، (قال) أو قد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، فقيل : مرحبا به ونعم المجيء جاء ، قال : ففتح ، قال : فلما حصلت إذا فيها آدم قال : هذا أبوك آدم فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد السلام ثم قال : مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح ، ثم صعد حتى السماء الثانية فاستفتح ، قيل من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قال : مرحبا به ، ونعم المجيء جاء ، قال : ففتح ، فلما حصلت فإذا يحيى وعيسى وهما ابنا الخالة ، قال : هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما ، فسلمت فردا السلام ، وقالا : مرحبا (بالأخ الصالح والنبي الصالح) ثم صعد حتى أتى السماء الثالثة ، فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قال : مرحبا به ، ونعم المجيء جاء ، قال : ففتح ، فلما حصلت إذا يوسف ، قال : هذا يوسف فسلم عليه ، قال : فسلمت عليه فرد السلام ، ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، ثم صعد حتى أتى السماء الرابعة ، فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قال : مرحبا به ، ونعم المجيء جاء ، قال : ففتح ، فلما حصلت فإذا إدريس ، قال : هذا إدريس فسلم عليه ، فسلمت عليه فرد السلام ، ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، ثم صعد حتى أتى السماء الخامسة ، فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : [ ص: 121 ] جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قال : مرحبا به ، ونعم المجيء جاء ، قال : ففتح فلما حصلت فإذا هارون ، قال : هذا هارون فسلم عليه ، قال : فسلمت عليه فرد السلام ، ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، ثم صعد حتى أتى السماء السادسة ، فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قال : مرحبا ، ونعم المجيء جاء ، ففتح فلما حصلت فإذا أنا بموسى قال : هذا موسى فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد السلام ، ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، قال : فلما تجاوزت بكى ، قيل له : ما يبكيك ؟ قال : أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي ، ثم صعد حتى أتى السماء السابعة ، فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قال : مرحبا به ، ونعم المجيء جاء ، قال : ففتح فلما حصلت فإذا إبراهيم ، قال : هذا إبراهيم فسلم عليه ، فسلمت عليه ، قال : فرد السلام ، ثم قال : مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح ، قال : ثم رفعت إلى سدرة المنتهى ، قال : ثم رفع لي البيت المعمور ، قال : ثم فرضت علي الصلاة خمسين صلاة كل يوم ، قال : فرجعت فمررت على موسى عليه السلام ، فقال : بم أمرت ؟ قلت : أمرت بخمسين صلاة كل يوم ، قال : إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة ، وإني قد خبرت الناس قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، قال : فرجعت فوضع عني عشرا ، قال : فرجعت على موسى ، فقال : بم أمرت ، قال : بأربعين صلاة كل يوم ، قال : إن أمتك لا تستطيع أربعين صلاة كل يوم ، وإني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، قال : فرجعت فوضع عني عشرا أخر ، فرجعت إلى موسى ، فقال : بم أمرت ، قال : أمرت بثلاثين صلاة كل يوم ، قال : إن أمتك لا [ ص: 122 ] تستطيع ثلاثين صلاة كل يوم ، وإني قد خبرت الناس قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، قال : فرجعت فوضع عني عشرا (أخر) ، فرجعت إلى موسى فقال : بم أمرت ؟ قلت : بعشرين صلاة كل يوم ، فقال : إن أمتك لا تستطيع عشرين صلاة كل يوم ، وإني قد خبرت الناس قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، قال : فرجعت فأمرت بعشر صلوات كل يوم ، قال : فرجعت إلى موسى ، فقال : بم أمرت ؟ قلت : أمرت بعشر صلوات كل يوم ، فقال : إن أمتك لا تستطيع عشر صلوات كل يوم ، وإني قد خبرت الناس قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، قال : فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم ، فرجعت إلى موسى ، فقال : بم أمرت ؟ قلت : أمرت بخمس صلوات كل يوم ، فقال : إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات ، وإني قد خبرت الناس قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، قال : قلت : قد (سألت) ربي حتى استحييت ، ولكني أرضى وأسلم ، فلما نفذت نادى مناد : قد أمضيت فريضتي ، وخففت عن عبادي .

قال الحافظ أبو الفضل بن ناصر - رحمه الله - : اتفق أئمة أصحاب الحديث على صحة هذا الحديث وثبوته . وأخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما ، وغيرهما .

[ ص: 123 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية