الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ويضر بين تغير بحبل سانية : [ ص: 36 ] كغدير بروث ماشية ، أو بئر بورق شجر أو تبن والأظهر في بئر البادية بهما الجواز وفي جعل المخالط والموافق [ ص: 37 ] كالمخالف نظر .

التالي السابق


( ويضر ) الماء أي بسلب طهوريته ( بين ) بكسر المثناة تحت مشددة أي فاحش وكثير ، مضاف ل ( تغير ) بفتح الغين المعجمة وضم المثناة تحت : مصدر تغير بفتحات مثقلا إضافة ما كان صفة لما كان موصوفا ، والأصل تغير بين أي فاحش للون أو طعم ، أو ريح الماء ، وصلة " تغير " ( بحبل سانية ) أي بئر ذات دولاب وتسمى في عرف أهل مصر ساقية وحبلها طونسا ومثلها سائر الآبار ومثل الطونس سائر الحبال والدلاء التي ينزع بها الماء إذا كان من غير أجزاء الأرض كليف وحلفاء وخوص وجلد فإن كان من أجزائها كحديد ونحاس وفخار فلا يضر التغير به ولو بينا ولم يفرق في المشهور بين التغير البين [ ص: 36 ] وغيره إلا في هذه المسألة وهي تغير ماء البئر بآلة إخراجه منها ، وفيه ثلاثة أقوال فقيل : إنه مغتفر مطلقا وقيل لا يغتفر مطلقا وقيل يغتفر اليسير لا الكثير وهو الراجح ولذا اقتصر عليه المصنف ولكن الأولى إبدال حبل ساقية بآلة استقاء ليشمل الحبل وغيره والساقية وغيرها وشبه في الضرر فقال : ( ك ) تغير ( غدير ) أي ماء غدير أي تركه السيل ، أو النيل في محل منخفض يسمى في عرف أهل مصر بركة ففعيل بمعنى مفعول ، ويصح كونه بمعنى فاعل أيضا لغدره أهله بالجفاف عند شدة احتياجهم إليه في الصيف وصلة " تغير " المقدر ( بروث ) وبول ( ماشية ) ألقته فيه حال شربها منه فغيره تغييرا كثيرا ، أو يسيرا فليس طهورا فالتشبيه ليس تاما هذا هو المعروف من روايتي اللخمي والرواية الأخرى تقييد الضرر بالكثير ، والعفو عن اليسير وحمل عليها بعض الشارحين كلام المصنف فجعل التشبيه تاما وسواء كانت الماشية نعما ، أو غيرها ، وفي المجموعة طهورية الغدير المتغير بروث النعم مطلقا ويستحسن تركه مع وجود غيره . ( أو ) تغير ماء ( بئر ) ولو يسيرا ( بورق شجر ، أو تبن ) بالموحدة ألقته الريح فيه فليس طهورا في بادية ولا في حاضرة

( والأظهر ) عند ابن رشد من قولي الإمام مالك " رضي الله عنه " ( في ) تغير ماء ( بئر البادية بهما ) أي ورق الشجر والتبن ( الجواز ) لرفع الحدث ، وحكم الخبث به لعدم سلبه طهوريته لعسر الاحتراز منهما فيها وهذا هو المعتمد ومثل ماء البئر الغدير بالأولى وبئر الحاضرة التي يعسر الاحتراز منهما فيها فالمدار على غلبة السقوط ، وعسر الاحتراز فياض وحياض الحاضرة التي يغلب سقوطهما فيها ويعسر تغطيتها كذلك .

( وفي جعل ) أي تقدير ( المخالط ) للمطلق ( الموافق ) له في لونه وطعمه وريحه وهو مما يفارقه غالبا كماء حطب العنب المسمى زرجونا وماء نحو ورد ذهبت أوصافه ، ومفعول [ ص: 37 ] جعل " الثاني ( كالمخالف ) للمطلق في الصفات ، والحكم بسلبه طهورية المطلق وعدم جعله كالمخالف فيحكم ببقاء الطهورية ( نظر ) أي توقف وتردد لابن عطاء الله واستظهر الإمام سند شقه الأول ولذا صرح به المصنف وطوى مقابله وابن عبد السلام شقه الآخر وهما في الماء مطلقا كثيرا كان ، أو قليلا ، وفرضهما في كون المخالط لو كان مخالفا لغاير الماء يقينا ، أو ظنا وأجراهما ابن رشد في الموافق النجس أيضا كبول مريض بصفة الماء أو ذهبت صفاته بمرور الرياح .

واستشكله ابن فرحون وأبو علي ناصر الدين وجزما بنجاسة الماء الذي خالطه البول المذكور وقصرا التردد على المخالط الطاهر ولا فرق بين الموافق أصالة كماء الزرجون ، أو عروضا كماء الرياحين الذي ذهبت أوصافه قاله الإمام سند ونقله الحطاب واستظهره البناني .




الخدمات العلمية