الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب ما جاء في أسفل النعل تصيبه النجاسة

                                                                                                                                            28 - ( عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى فإن التراب له طهور } ، وفي لفظ : { إذا وطئ الأذى بخفيه فطهورهما التراب } . رواهما أبو داود ) .

                                                                                                                                            29 - ( وعن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعليه ولينظر فيهما فإن رأى خبثا . فليمسحه بالأرض ثم ليصل فيهما } . رواه أحمد وأبو داود ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث الأول أخرجه أيضا ابن السكن والحاكم والبيهقي واختلف فيه على الأوزاعي ، ورواه ابن ماجه من وجه آخر عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ : { الطريق يطهر بعضها بعضا } وإسناده ضعيف ، والرواية الأولى المذكورة في حديث الباب في إسنادها مجهول ; لأن أبا داود رواها بسنده إلى الأوزاعي قال : أنبئت أن سعيد بن أبي سعيد المقبري حدث عن أبيه عن أبي هريرة ولم يسم الأوزاعي شيخه .

                                                                                                                                            والرواية الثانية منه فيها محمد بن عجلان ، وقد أخرج له البخاري في الشواهد ومسلم في المتابعات ولم يحتجا به ، وقد وثقه غير واحد ، وتكلم فيه غير واحد ، ولعله الرجل الذي أبهمه الأوزاعي في الرواية الأولى ; لأن أبا داود قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا محمد بن كثير - يعني الصنعاني - عن الأوزاعي عن ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة .

                                                                                                                                            وحديث أبي سعيد أخرجه الحاكم وابن حبان ، واختلف في وصله وإرساله ، ورجح أبو حاتم في العلل الموصول .

                                                                                                                                            وفي الباب عن أم سلمة عند الأربعة بلفظ " يطهره ما بعده " وعن أنس [ ص: 64 ] عند البيهقي بسند ضعيف . وعن امرأة من بني عبد الأشهل عند البيهقي كلها ، هذه الأحاديث في معنى حديث أبي هريرة .

                                                                                                                                            وورد في معنى حديث أبي سعيد أحاديث منها عند الحاكم من حديث أنس ، وعنده أيضا من حديث ابن مسعود . وعند الدارقطني من حديث ابن عباس وإسناده ضعيف . وعند الدارقطني أيضا من حديث عبد الله بن الشخير ، وإسناده ضعيف أيضا ، وعند البزار من حديث أبي هريرة وإسناده ضعيف معلول ، وهذه الروايات يقوي بعضها بعضا فتنتهض للاحتجاج بها على أن النعل يطهر بدلكه في الأرض رطبا أو يابسا .

                                                                                                                                            وقد ذهب إلى ذلك الأوزاعي وأبو حنيفة وأبو يوسف والظاهرية وأبو ثور وإسحاق وأحمد في رواية ، وهي إحدى الروايتين عن الشافعي . وذهبت العترة والشافعي ومحمد إلى أنه لا يطهر بالدلك لا رطبا ولا يابسا . وذهب الأكثر إلى أنه يطهر بالدلك يابسا لا رطبا . وقد احتج للآخرين في البحر بحجة واهية جدا ، فقال بعد ذكر الحديثين السابقين : قلنا : محتملان للرطبة والجافة فتعين الموافق للقياس وهي الجافة ، والثاني : لا يسلم كالثوب . قال صاحب المنار : حاصل كلام المصنف إلغاء الحديث انتهى .

                                                                                                                                            والظاهر أنه لا فرق بين أنواع النجاسات بل كل ما علق بالنعل مما يطلق عليه اسم الأذى فطهوره مسحه بالتراب . قال ابن رسلان في شرح السنن : الأذى في اللغة هو المستقذر طاهرا كان أو نجسا انتهى . ويدل على التعميم ما في الرواية الأخرى حيث قال : " فإن رأى خبثا فإنه لكل مستخبث " ولا فرق بين النعل والخف للتنصيص على كل واحد منهما في حديثي الباب ، يلحق بهما كل ما يقوم مقامها لعدم الفارق . قوله : ( ثم ليصل فيهما ) سيأتي الكلام على الصلاة في النعلين في باب مستقل من كتاب الصلاة - إن شاء الله تعالى - .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية