الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (276) قوله تعالى: يمحق الله الربا ويربي : الجمهور على التخفيف في الفعلين من محق وأربى. وقرأ ابن الزبير: ورويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "يمحق ويربي" بالتشديد فيهما من "محق وربى" بالتشديد فيهما.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: "سلف" سلف بمعنى مضى وانقضى، ومنه: سالف الدهر، وله سلف صالح: آباء متقدمون. ومنه "فجعلناهم سلفا" أي: أمة متقدمة يعتبر بهم من بعدهم. ويجمع السلف على: أسلاف وسلوف. والسالفة والسلاف: المتقدمون في حرب أو سفر. والسالفة من الوجه لتقدمها. قال:


                                                                                                                                                                                                                                      1103 - ومية أحسن الثقلين جيدا وسالفة وأحسنه قذالا

                                                                                                                                                                                                                                      وسلافة الخمر قيل لها ذلك لتقدمها على العصر. والسلفة ما يقدم من الطعام للضيف. يقال: "سلفوا ضيفكم ولهنوه" أي: بادروه بشيء ما. ومنه: السلف في الدين لأنه تقدمه مال.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: "عاد" أي: رجع، يقال: عاد يعود عودا ومعادا، وعن بعضهم أنها تكون بمعنى صار، وعليه:

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 636 ]

                                                                                                                                                                                                                                      1104 - وبالمحض حتى عاد جعدا عنطنطا     إذا قام ساوى غارب الفحل غاربه

                                                                                                                                                                                                                                      وأنشدوا


                                                                                                                                                                                                                                      1105 - تعد لكم جزر الجزور رماحنا     ويرجعن بالأسياف منكسرات

                                                                                                                                                                                                                                      والمحق: النقص، يقال: محقته فانمحق، وامتحق، ومنه المحاق في القمر، قال:


                                                                                                                                                                                                                                      1106 - يزداد حتى إذا ما تم أعقبه     كر الجديدين نقصا ثم ينمحق

                                                                                                                                                                                                                                      وأنشد ابن السكيت:


                                                                                                                                                                                                                                      1107 - وأمصلت مالي كله بحياته     وما سست من شيء فربك ماحقه

                                                                                                                                                                                                                                      ويقال: هجير ماحق: إذا نقص كل شيء بحره.

                                                                                                                                                                                                                                      وقد اشتملت هذه الآية على نوعين من البديع، أحدهما: الطباق في قوله: "يمحق ويربي" فإنهما ضدان، نحو: "أضحك وأبكى"، والثاني: تجنيس التغاير في قوله: "الربا ويربي" إذ أحدهما اسم والآخر فعل.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية