870 - حتى إذا ألقت يدا في كافر وأجن عورات الثغور ظلامها
فزيدت الباء في المفعول كما زيدت في قوله: 871 - وألقى بكفيه الفتى استكانة من الجوع وهنا ما يمر وما يحلو
872 - ... ... ... ... سود المحاجر لا يقرأن بالسور
الثاني: أنها متعلقة بالفعل غير زائدة، والمفعول محذوف، تقديره: ولا تلقوا أنفسكم بأيديكم، ويكون معناها السبب كقولك: لا تفسد حالك برأيك. الثالث: أن يضمن "ألقى" معنى ما يتعدى بالباء، فيعدى تعديته، فيكون المفعول به في الحقيقة هو المجرور بالباء تقديره: ولا تفضوا بأيديكم إلى التهلكة، كقولك: أفضيت بجنبي إلى الأرض أي: طرحته على الأرض، ويكون قد عبر بالأيدي عن الأنفس، لأن بها البطش والحركة، وظاهر كلام فيما حكاه عن أبي البقاء أن "ألقى" يتعدى بالباء أصلا من غير تضمين، فإنه قال: "وقال المبرد ليست بزائدة بل هي متعلقة بالفعل كمررت بزيد والأولى حمله على ما ذكرت". المبرد:
والتهلكة: مصدر بمعنى الهلاك، يقال: هلك يهلك هلكا وهلاكا وهلكاء على وزن فعلاء ومهلكا ومهلكة مثلث العين وتهلكة. وقال "ويجوز أن يقال: أصلها التهلكة بكسر اللام كالتجربة، على أنه مصدر من هلك - يعني بتشديد اللام - فأبدلت الكسرة ضمة كالجوار [ ص: 312 ] والجوار"، ورد عليه الشيخ بأن فيه حملا على شاذ ودعوى إبدال لا دليل عليها، وذلك أنه جعله تفعلة بالكسر مصدر فعل بالتشديد، ومصدره إذا كان صحيحا غير مهموز على تفعيل، وتفعلة فيه شاذ. وأما تنظيره له بالجوار والجوار فليس بشيء، لأن الضم فيه شاذ، فالأولى أن يقال: إن الضم أصل غير مبدل من كسر. وقد حكى الزمخشري مما جاء من المصادر على ذلك التضرة والتسرة. قال سيبويه "وقرأ ابن عطية: التهلكة بكسر اللام وهي تفعلة من هلك بتشديد اللام" وهذا يقوي قول الخليل الزمخشري.
وزعم أن "تهلكة" لا نظير لها، وليس كذلك لما حكى ثعلب ونظيرها من الأعيان على هذا الوزن: التنفلة والتنصبة. سيبويه.
والمشهور أنه لا فرق بين التهلكة والهلاك، وقال قوم: التهلكة: ما أمكن التحرز منه، والهلاك ما لا يمكن. وقيل: هي نفس الشيء المهلك. وقيل: هي ما تضر عاقبته. والهمزة في "ألقى" للجعل على صفة نحو: أطردته أي: جعلته طريدا فيه ليست للتعدية لأن الفعل متعد قبلها، فمعنى ألقيت الشيء جعلته لقى فهو فعل بمعنى مفعول، كما أن الطريد فعيل بمعنى مفعول، كأنه قيل: لا تجعلوا أنفسكم لقى إلى التهلكة.