الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2571 2720 - حدثنا موسى ، حدثنا جويرية بن أسماء ، عن نافع ، عن عبد الله رضي الله عنه قال : أعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر اليهود أن يعملوها ويزرعوها ، ولهم شطر ما يخرج منها . [انظر : 2285 - مسلم: 1551 - فتح: 5 \ 322]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث أبي هريرة قال : قالت الأنصار للنبي - صلى الله عليه وسلم - : اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل . قال : "لا" . قالوا : تكفونا المؤنة ونشرككم في الثمرة . قالوا : سمعنا وأطعنا .

                                                                                                                                                                                                                              وحديث ابن عمر : أعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر اليهود أن يعملوها ويزرعوها ، ولهم شطر ما يخرج منها .

                                                                                                                                                                                                                              الشرح :

                                                                                                                                                                                                                              تقدم قول الأنصار : (اقسم بيننا . . ) إلى آخره . أنه اختلف فيه ، هل هو من قول المهاجرين أو الأنصار ؟ وكذلك قالوا : (سمعنا وأطعنا ) فمن قال (الأنصار ) قال : تكفونا المؤنة ; جعله حجة بجواز المساقاة .

                                                                                                                                                                                                                              وتقدم تأويل الجمع بين القولين : أن الأنصار قالوا : (اقسم بيننا النخيل ) ; لأنهم أعطوهم نصيبا منهم .

                                                                                                                                                                                                                              فقال المهاجرون : (تكفونا المؤنة ) ; لأنهم لم يكن لهم معرفة بعمل النخيل .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 113 ] ومعنى قولهم : (نشرككم في الثمرة ) أي : نشرككم في ثمرة نصيبها من النخيل الذي صار لنا بالعطية منكم ، فصح منه الدليل على جواز المساقاة .

                                                                                                                                                                                                                              ويتفق القولان : أن تكفونا المؤنة من قول المهاجرين ، ولا يؤخذ أنه من قول الأنصار من قول من يقول : فيه دلالة على المساقاة ; لأن المهاجرين ملكوا الثمرة على ما سلف .

                                                                                                                                                                                                                              وقال المهلب : أراد الأنصار مقاسمة المهاجرين للإخاء الذي آخى بينهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فهذه المعاملة هي المساقاة بعينها ، وهي خارج عن معاني البيوع ; لأنه لا يجوز بيع الثمار قبل بدو صلاحها ، وجاز بيعها في المساقاة قبل أن تخلق وتظهر ، وأما خروجها عن الإجارة فإنه لا يجوز الإجارة المجهولة . وفي المساقاة لا يعلم مقدار ما يخرج النخيل من الثمرة ، وربما لا يخرج شيئا ، وإنما جازت المساقاة بالسنة فهي مخصوصة في نفسها لا تتعدى إلى غيرها مما يشبه معناها ، فلا يجوز من الشروط في معاملاتهم إلا ما كان في كتاب الله أو سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية