الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( السادس ) أمين الأمة أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة القرشي الفهري ، أسلم مع عثمان بن مظعون ، وهاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية ، وشهد المشاهد كلها مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وثبت معه يوم أحد ، ونزع الحلقتين اللتين دخلتا في وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد من حلق المغفر بفيه ، فوقعت ثنيتاه فكان أحسن الناس هتما ، كان - رضي الله عنه - طوالا ، معروق الوجه ، خفيف اللحية ، مات في طاعون عمواس بالأردن سنة ثماني عشرة ، ودفن هناك وقبره مشهور يزار ويتبرك به ، وروي له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمسة عشر حديثا ، ولم يخرج له البخاري في صحيحه شيئا ، ولا أخرج له مسلم إلا في حديث العنبر في رواية أبي الزبير عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهم - ، وهو قوله - يعني قول أبي عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه - : نحن رسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو معنى تام فسموه حديثا .

فهؤلاء العشرة المذكورون في حديث عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " أبو بكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وعلي في الجنة ، وطلحة في الجنة ، والزبير في الجنة ، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة ، وسعد بن أبي وقاص في الجنة ، وسعيد بن زيد في الجنة ، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة " . رواه الترمذي ، وأخرج أبو داود والترمذي عن رباح بن الحارث [ ص: 361 ] قال : كنت قاعدا عند فلان في الكوفة في المسجد ، وعنده أهل الكوفة ، فجاء سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، فرحب به وحياه وأقعده على السرير ، فجاء رجل من أهل الكوفة يقال له قيس بن علقمة ، فاستقبله فسب وسب ، فقال سعيد : من يسب هذا الرجل ؟ فقال : يسب عليا . فقال : لا أرى أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يسبون عندك ثم لا تنكر ولا تغير ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول - وإني لغني أن أقول عليه ما لم يقل فيسألني عنه غدا إذا لقيته - : " أبو بكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وعلي في الجنة ، وطلحة في الجنة ، والزبير في الجنة ، وسعد في الجنة ، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة ، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة " . وسكت عن العاشر ، قالوا ومن هو العاشر ؟ قال : سعيد بن زيد - يعني نفسه - ثم قال : يعني سعيد بن زيد - رضي الله عنه - : والله لمشهد رجل منهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغبر فيه وجهه خير من عمل أحدكم ولو عمر عمر نوح .

زاد رزين ثم قال : لا جرم لما انقطعت أعمالهم أراد الله تعالى ألا ينقطع الأجر عنهم إلى يوم القيامة ، والشقي من أبغضهم والسعيد من أحبهم . ولفظ الترمذي : أشهد على التسعة أنهم في الجنة ، ولو شهدت على العاشر لم آثم .

قال عبد الله بن ظالم المازني : قلت لسعيد بن زيد - رضي الله عنه - : من التسعة ؟ فذكرهم ، قلت ومن العاشر ؟ فتلكأ هنيهة ثم قال : أنا .

وللترمذي في رواية أخرى عن سعيد بن زيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " عشرة في الجنة " . فعد التسعة وسكت عن العاشر ، فقال القوم : ننشدك الله يا أبا الأعور من العاشر ؟ قال : نشدتموني بالله ، أبو الأعور في الجنة ، أبو الأعور هو سعيد بن زيد .

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، ويكفي ما أخرجه الترمذي عن عقبة بن علقمة اليشكري قال : سمعت علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - يقول : - يعني بعد وقعة الجمل - سمعت أذني من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول : طلحة والزبير جاراي في الجنة . وبعد العشرة أي الذين يلونهم في الأفضلية .

التالي السابق


الخدمات العلمية