الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            وقوله بلا نية ونفل يعني به أن من شرط وقوع الحج فرضا أن يخلو عن نية النفل بأن ينوي الفرض أو ينوي الحج ولم يعين فرضا ولا نفلا فإنه ينصرف إلى حجة الإسلام كما قاله سند ، ونصه ولو نوى الحج ولم يعين حجة الإسلام انصرف مطلقا بنية إلى حجة الإسلام عند الجميع إذا كان صرورة وذلك لتأثير قربه ، وإنما اختلف الناس إذا نوى النفل هل ينصرف إلى الفرض أو لا ؟ فقال الشافعي : ينصرف إلى الفرض ، وكذلك لو أحرم به عن غيره وهو صرورة ، قال : ينصرف إلى فرض نفسه انتهى .

                                                                                                                            فنحصل من هذا أنه إذا نوى النفل انعقد ولم ينقلب فرضا خلافا للشافعي وكره له تقديم النفل على الفرض قاله الجلاب والتلقين وغيرهما وكذلك يكره لمن عليه نذر تقديمه على فرض قاله سند في باب بقية من أحكام الإجارة ، ولو قرن النفل مع الفرض فجعله البساطي بمنزلة من نوى النفل ولم أره لغيره ، ونص كلامه وأما قوله يعني المصنف بلا نية نفل ، فيظهر أنه قال : أي خال من نية نفل سواء لم ينو إلا النفل أو قرنه على أن هذا غير محتاج إليه انتهى .

                                                                                                                            وهو في عهدة قوله : أو قرنه ، وقوله : غير محتاج إليه ; لأنه إن عنى به قوله أو قرنه فظاهر ، وإن عنى به قول المصنف بلا نية نفل فغير مسلم ولا يقال قوله : بلا نية نفل ، يغني عنه ما فهم من قوله وقت إحرامه وهو أنه إذا أحرم الصبي ثم بلغ أو العبد ثم عتق فقد انعقد إحرامهما نافلة ، ولا ينقلب فريضة ، وكذلك نفل غيرهما ; لأنا نقول : لا يلزم من عدم انقلاب نفلهما إلى الفرض وعدم انقلاب نفل غيرهما ; لأن أول أركان الحج وهو الإحرام حصل منهما وهما ليسا من أهل الفرض ألبتة ، قال ابن عبد السلام : فحال أن ينقلب النفل فرضا في حق من لا يصح منه الفرض بخلاف نفل من كان وقت الإحرام من أهل الفرض فقد يقال : إنه يمكن أن ينقلب فرضا فلذلك نبه عليه والله أعلم .

                                                                                                                            ( السادس ) تقدم أن شروط وجوب الحج الحرية والبلوغ والعقل وأنها أيضا من شرط وقوعه فرضا ، وهذا إذا قلنا : إن المميز عاقل ، وأما إن قلنا : لا عقل إلا للبالغ فيكفي اشتراط العقل عن البلوغ قاله ابن بشير ، وقال أيضا : وأما الحرية فمذهب الجمهور أنها شرط في الوجوب ; لأن العبيد مستغرقون بحقوق السادات والحج مشروع بالاستطاعة وهم غير مستطيعين ، وقيل في إسقاطه عنهم : إنهم غير داخلين في الخطاب وقد اختلف الأصوليون في دخولهم في خطاب الأحرار والصحيح دخولهم انتهى .

                                                                                                                            وكون شروط الوجوب الحرية والبلوغ والعقل هو على ما قاله القرافي ; لأنه لم يجعل الاستطاعة شرطا بل جعلها سببا وهو ظاهر كلام المؤلف في هذا الكتاب وعلى قول أكثر المذاهب من أنها شرط ; فنقول : شروط الوجوب الثلاثة المذكورة [ ص: 491 ] والاستطاعة وبعضهم يزيد تخلية الطريق وإمكان السير وهما داخلان في فروع الاستطاعة وأبو حنيفة وابن حنبل يزيدان شرطا آخر وهو المحرم في حق المرأة وليس شرطا عندنا وتقدم أيضا أن شرط الصحة هو الإسلام فقط وهذا هو المشهور ، وعلى قول الباجي : هو والعقل ، وعلى ما نقل ابن الحاج وغيره هما والاستطاعة والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية