الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون

                                                                                                                                                                                                إلا أخذنا أهلها بالبأساء : بالبؤس والفقر والضراء : بالضر ، والمرض ; لاستكبارهم عن اتباع نبيهم ، وتعززهم عليه لعلهم يضرعون : ليتضرعوا ، ويتذللوا ، ويحطوا أردية الكبر والعزة ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة أي : أعطيناهم بدل ما كانوا فيه من البلاء ، والمحنة ، والرخاء ، والصحة ، والسعة ; كقوله : وبلوناهم بالحسنات والسيئات [الأعراف : 168] حتى عفوا : كثروا ونموا في أنفسهم وأموالهم ، من قولهم : عفا النبات ، وعفا الشحم والوبر : إذا كثرت ; ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - : "وأعفوا عن اللحى" . وقال الحطيئة : [من الطويل]


                                                                                                                                                                                                بمستأسد القريان عاف نباته .......................



                                                                                                                                                                                                [ ص: 478 ] وقال : [من الوافر]


                                                                                                                                                                                                ولكنا نعض السيف منها     بأسوق عافيات الشحم كوم



                                                                                                                                                                                                وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء يعني : وأبطرتهم النعمة ، وأشروا ، فقالوا : هذه عادة الدهر ، يعاقب في الناس بين الضراء والسراء ، وقد مس آباؤنا نحو ذلك ، وما هو بابتلاء من الله لعباده ، فلم يبق بعد ابتلائهم بالسيئات والحسنات إلا أن نأخذهم بالعذاب ، [ ص: 479 ] فأخذناهم : أشد الأخذ وأفظعه ، وهو أخذهم فجأة من غير شعور منهم .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية