الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله لما جاءني البينات من ربي وأمرت أن أسلم لرب العالمين هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم تعقلون هو الذي يحيي ويميت فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون

                                                                                                                                                                                                                                        لما ذكر الأمر بإخلاص العبادة لله وحده، وذكر الأدلة على ذلك والبينات، صرح بالنهي عن عبادة ما سواه فقال: قل يا أيها النبي إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله من الأوثان والأصنام، وكل ما عبد من دون الله.

                                                                                                                                                                                                                                        ولست على شك من أمري، بل على يقين وبصيرة، ولهذا قال: لما جاءني البينات من ربي وأمرت أن أسلم لرب العالمين بقلبي ولساني، وجوارحي، بحيث تكون منقادة لطاعته، مستسلمة لأمره، وهذا أعظم مأمور به، على الإطلاق، كما أن النهي عن عبادة ما سواه، أعظم منهي عنه، على الإطلاق.

                                                                                                                                                                                                                                        ثم قرر هذا التوحيد، بأنه الخالق لكم والمطور لخلقتكم، فكما خلقكم وحده، فاعبدوه وحده فقال: هو الذي خلقكم من تراب وذلك بخلقه لأصلكم وأبيكم آدم عليه السلام. ثم من نطفة وهذا ابتداء خلق سائر النوع الإنساني، ما دام في بطن أمه، فنبه بالابتداء، على بقية الأطوار، من العلقة، فالمضغة، فالعظام، فنفخ الروح، ثم يخرجكم طفلا ثم هكذا تنتقلون في الخلقة الإلهية حتى تبلغوا أشدكم من قوة العقل والبدن، وجميع قواه الظاهرة والباطنة.

                                                                                                                                                                                                                                        ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل بلوغ الأشد ولتبلغوا بهذه الأطوار المقدرة أجلا مسمى تنتهي عنده أعماركم. ولعلكم تعقلون أحوالكم، فتعلمون أن المطور لكم في هذه الأطوار كامل الاقتدار، وأنه الذي لا تنبغي العبادة إلا له، وأنكم ناقصون من كل وجه.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 1559 ] هو الذي يحيي ويميت أي هو المنفرد بالإحياء والإماتة، فلا تموت نفس بسبب أو بغير سبب، إلا بإذنه. وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير

                                                                                                                                                                                                                                        فإذا قضى أمرا جليلا أو حقيرا فإنما يقول له كن فيكون لا رد في ذلك، ولا مثنوية، ولا تمنع.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية