الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فإن ) ( صلى ) الإمام ( مغربا ) على كيفية ذات الرقاع ( فبفرقة ) من القوم يصلي بها ( ركعتين ) وتفارقه بعد التشهد معه ; لأنه موضع تشهدهم ، قاله في شرح المهذب ( وبالثانية ) منه ( ركعة وهو أفضل من عكسه ) الجائز أيضا ( في الأظهر ) لسلامته من التطويل في عكسه بزيادة تشهد في أولى الثانية بل هو مكروه ، والثاني عكسه أفضل لتنجبر به الثانية عما فاتها من فضيلة التحرم ( وينتظر ) الإمام في صلاته بالأولى ركعتين الثانية ( في ) جلوس ( تشهده ) الأول ( أو قيام الثالثة وهو ) أي انتظاره في القيام ( أفضل ) من انتظاره في جلوس تشهده ( في الأصح ) ; لأن القيام محل التطويل بخلاف جلوس التشهد الأول ، والثاني أن انتظاره في التشهد أولى ليدركوا معه الركعة من أولها ولو فرقهم في المغرب ثلاث فرق صحت صلاة جميعهم على النص ( أو ) صلى بهم ( رباعية فبكل ) من الفرقتين يصلي ( ركعتين ) لعموم قوله تعالى { وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة } ; ولأن فيه تحصيلا للمقصود مع المساواة بين المأمومين ، وهذا إن قضى في السفر رباعية ، أو وقع الخوف في الحضر : أو في أقل من ثلاثة أيام ; لأن الإتمام أفضل ، وإلا فالقصر أفضل لا سيما أنه أليق بحالة الخوف ، وهل الأفضل الانتظار في التشهد الأول ، أو في القيام الثالث ؟ فيه الخلاف السابق في المغرب ، ولو صلى بفرقة ركعة وبالأخرى ثلاثا أو عكسه صحت مع كراهته ، ويسجد الإمام والطائفة الثانية سجود السهو للمخالفة بالانتظار في غير محله .

                                                                                                                            قال صاحب الشامل : وهذا يدل على أنه إذا فرقهم أربع فرق سجدوا للسهو أيضا للمخالفة وهو كما قال ( فلو ) فرقهم .

                                                                                                                            [ ص: 366 ] أربع فرق و ( صلى بكل فرقة ركعة ) ، ثم فارقته وصلت ثلاثا وسلمت والإمام قائم ينتظر فراغها وذهابها ومجيء الثانية ، ثم صلى بالثانية الركعة الثانية وفارقته وانتظر الثالثة إما في التشهد الأول ، أو قائما على ما مر من الخلاف ، ثم صلى بالثالثة الركعة الثالثة وفارقوه في قيام الرابعة وأتموا لأنفسهم والإمام ينتظر فراغهم وذهابهم ومجيء الرابعة ، ثم صلى بالرابعة الركعة الأخيرة وانتظرهم في التشهد وسلم بهم ( صحت صلاة الجميع في الأظهر ) ; لأن الحاجة قد تدعو إلى ذلك بأن لا يكفي وقوف نصف الجيش في وجه العدو ويحتاج إلى وقوف ثلاثة أرباعهم ، وإنما اقتصر صلى الله عليه وسلم على انتظارين لعدم الحاجة إلى الزيادة ، ولعله لو احتيج إليها لفعل وشرط الإمام لتفريقهم أربع فرق في الرباعية الحاجة إلى ذلك ، وإلا فهو كفعله حال الاختيار ، وأقراه في الروضة وأصلها ، وجزم به في المحرر والحاوي والأنوار والمعتمد كما صححه في المجموع عدم اشتراطه .

                                                                                                                            وقال في الخادم : التحقيق عندي جوازه عند الحاجة بلا خلاف ، وإنما القولان عند عدمها ، ومقابل الأظهر تبطل صلاة الإمام لزيادته على الانتظارين في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في ذات الرقاع كما سبق ، وصلاة الفرقة الثالثة والرابعة إن علموا ببطلان صلاة الإمام ( وسهو كل فرقة ) أي إذا فرقهم فرقتين كما صرح به في المحرر ( محمول في أولاهم ) أي في ركعتهم الأولى ; لأنهم في حال القدرة ( وكذا ثانية الثانية في الأصح ) أي الركعة الثانية للفرقة لانسحاب حكم القدوة عليهم ; لأنهم يتشهدون معه من غير نية قدوة جديدة ، والثاني لا لانفرادها بها حسا ( لا ثانية الأولى ) لانفرادهم حسا وحكما ( وسهوه ) أي الإمام ( في ) الركعة ( الأولى يلحق الجميع ) أي فيسجد المفارقون عند تمام صلاتهم ( و ) سهوه ( في الثانية لا يلحق الأولين ) لمفارقتهم قبله وتسجد الثانية معه آخر صلاته ويقاس بذلك السهو في الثلاثية والرباعية مع أن ذلك كله معلوم من باب سجود السهو .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وهو أفضل من عكسه ) قال سم على حج في أثناء كلام ، وسكت عما لو صلى في المغرب بفرقة ركعة وبالأخرى ركعتين هل يسجد للسهو للانتظار في غير محله لكراهة ذلك وعدم وروده ا هـ .

                                                                                                                            والأقرب السجود لما علل به ( قوله : فيه الخلاف السابق ) أي والراجح منه أنه في القيام الثالث ( قوله : للمخالفة بالانتظار في غير محله ) أي لكونه ليس في نصف صلاته المنقول عنه صلى الله عليه وسلم ( قوله : سجدوا للسهو أيضا ) يعني غير الفرقة الأولى [ ص: 366 ] قوله : كما صححه في المجموع عدم اشتراطه ) أي ما ذكر من الحاجة ( قوله : ومقابل الأظهر تبطل صلاة الإمام ) وقع مثله في المحلي وكتب عليه الشيخ عميرة ما نصه : قال ابن سريج : تبطل بالانتظار الثالث وهو الواقع في الركعة الرابعة فإن الأولى لا انتظار فيها .

                                                                                                                            وقال الجمهور بالانتظار الثاني وهو الواقع في الثالثة لمخالفته الوارد من جهة أن المنتظرين فيما ورد الطائفة الثانية ، بخلاف المنتظرين هنا ، وأيضا من جهة طوله كما بينه الرافعي رحمه الله ، فإن قلنا بقول ابن سريج بطلت صلاة الرابعة فقط إن علمت ، وإن قلنا بقول الجمهور بطلت صلاة الثالثة والرابعة إن علمتا ، فقول الشارح الآتي : وصلاة الثالثة والرابعة تفريع على قول الجمهور المذكور في الأم ، وبه يعلم أن قوله لزيادته على الانتظارين إلخ ، ليس المراد منه الزيادة بانتظار ثالث ; لأن البطلان بالانتظار الثالث وهو الواقع في الرابعة قول ابن سريج كما علمت وإنما تبطل عليه صلاة الرابعة فقط وكذا الإمام فيهما ، بل المراد زيادة من حيث الطول المخالف لما ورد في انتظار النبي صلى الله عليه وسلم ، أو باعتبار أن الوارد انتظاره في قيام وفي تشهد ، وهذا زائد على ذلك وذلك لا يكاد يبين من كلامه إلا بمراجعة أصوله والله أعلم ا هـ ( قوله : آخر صلاته ) أي إن استمروا معه إلى السلام فإن فارقوه [ ص: 367 ] سجدوا في آخر صلاتهم



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( صلى الإمام مغربا على كيفية ذات الرقاع في صلاة الخوف ) ( قوله : بها ) لا حاجة إليه مع قول المصنف فيفرقه [ ص: 366 ] قوله : ثم فارقته وصلت ثلاثا إلخ ) لا يخفى أن باقي العبارة يدل على أن الضمير في قوله ثم فارقته للفرقة الأولى مع أنه لم يتقدم له مرجع ، إذ كلام المتن في كل فرقة لا خصوص الأولى ، وعبارة الشارح الجلال عقب المتن نصها : وفارقته كل فرقة من الثلاث وأتمت وهو منتظر فراغ الأولى في قيام الركعة الثانية وفراغ الفرقة الثانية في تشهده ، أو قيام الثالثة وفراغ الثالثة في قيام الرابعة وفراغ الرابعة في تشهده الأخير فسلم بها انتهت ( قوله : فهو كفعله في حال الاختيار ) أي فيكون مكروها مفوتا لفضيلة الجماعة ( قوله : وقال في الخادم ) أي تبعا للذخائر .




                                                                                                                            الخدمات العلمية