الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        553 حدثنا يحيى بن بكير قال أخبرنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب قال أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة أخبرته قالت كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر متلفعات بمروطهن ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفهن أحد من الغلس

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله في حديث عائشة ( كن ) قال الكرماني : هو مثل أكلوني البراغيث لأن قياسه الإفراد وقد جمع .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( نساء المؤمنات ) تقديره نساء الأنفس المؤمنات أو نحوها ذلك حتى لا يكون من إضافة الشيء إلى نفسه ، وقيل إن " نساء " هنا بمعنى الفاضلات أي فاضلات المؤمنات كما يقال رجال القوم أي فضلاؤهم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( يشهدن ) أي يحضرن ، و قوله : ( لا يعرفهن أحد ) قال الداودي : معناه لا يعرفن أنساء أم رجال ، أي لا يظهر للرائي إلا الأشباح خاصة ، وقيل لا يعرف أعيانهن فلا يفرق بين خديجة وزينب ، [ ص: 67 ] وضعفه النووي بأن المتلفعة في النهار لا تعرف عينها فلا يبقى في الكلام فائدة ، وتعقب بأن المعرفة إنما تتعلق بالأعيان ، فلو كان المراد الأول لعبر بنفي العلم ، وما ذكره من أن المتلفعة بالنهار لا تعرف عينها فيه نظر ، لأن لكل امرأة هيئة غير هيئة الأخرى في الغالب ولو كان بدنها مغطى . وقال الباجي : هذا يدل على أنهن كن سافرات إذ لو كن متنقبات لمنع تغطية الوجه من معرفتهن لا الغلس .

                                                                                                                                                                                                        قلت : وفيه ما فيه ، لأنه مبني على الاشتباه الذي أشار إليه النووي ، وأما إذا قلنا إن لكل واحدة منهن هيئة غالبا فلا يلزم ما ذكر . والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( متلفعات ) تقدم شرحه ، ( والمروط ) جمع مرط بكسر الميم وهو كساء معلم من خز أو صوف أو غير ذلك ، وقيل لا يسمى مرطا إلا إذا كان أخضر ولا يلبسه إلا النساء ، وهو مردود بقوله مرط من شعر أسود .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ينقلبن ) أي يرجعن .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( من الغلس ) من ابتدائية أو تعليلية ، ولا معارضة بين هذا وبين حديث برزة السابق أنه كان ينصرف من الصلاة حين يعرف الرجل جليسه ، لأن هذا إخبار عن رؤية المتلفعة على بعد ، وذاك إخبار عن رؤية الجليس .

                                                                                                                                                                                                        وفي الحديث استحباب المبادرة بصلاة الصبح في أول الوقت وجواز خروج النساء إلى المساجد لشهود الصلاة في الليل ، ويؤخذ منه جوازه في النهار من باب أولى لأن الليل مظنة الريبة أكثر من النهار ، ومحل ذلك إذا لم يخش عليهن أو بهن فتنة ، واستدل به بعضهم على جواز صلاة المرأة مختمرة الأنف والفم ، فكأنه جعل التلفع صفة لشهود الصلاة . وتعقبه عياض بأنها إنما أخبرت عن هيئة الانصراف ، والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية