الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ألا هو العزيز الغفار ( 5 ) )

يقول - تعالى ذكره - واصفا نفسه بصفتها : ( خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل ) يقول : يغشي هذا على هذا ، وهذا على هذا ، كما قال ( يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ) وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل :

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : ( يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل ) يقول : يحمل الليل على النهار .

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله : ( يكور الليل على النهار ) قال : يدهوره .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل ) قال : يغشى هذا هذا ، ويغشى هذا هذا .

حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن السدي قوله : [ ص: 254 ] ( يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل ) قال : يجيء بالنهار ويذهب بالليل ، ويجيء بالليل ، ويذهب بالنهار .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد فى قوله : ( يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل ) حين يذهب بالليل ويكور النهار عليه ، ويذهب بالنهار ويكور الليل عليه .

وقوله : ( وسخر الشمس والقمر ) يقول - تعالى ذكره - : وسخر الشمس والقمر لعباده ، ليعلموا بذلك عدد السنين والحساب ، ويعرفوا الليل من النهار لمصلحة معاشهم ( كل يجري لأجل مسمى ) يقول : ( كل ) ذلك يعني الشمس والقمر ( يجري لأجل مسمى ) يعني إلى قيام الساعة ، وذلك إلى أن تكور الشمس ، وتنكدر النجوم . وقيل : معنى ذلك : أن لكل واحد منهما منازل ، لا تعدوه ولا تقصر دونه ( ألا هو العزيز الغفار ) يقول - تعالى ذكره - : ألا إن الله الذي فعل هذه الأفعال وأنعم على خلقه هذه النعم هو العزيز في انتقامه ممن عاداه ، الغفار لذنوب عباده التائبين إليه منها بعفوه لهم عنها .

التالي السابق


الخدمات العلمية