الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون

                                                                                                                                                                                                                                      ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين شروع في تفصيل مبادئ الهلاك الموعود ، وإيذان بأنه تعالى لم يمهلهم بعد ذلك ، ولم يكونوا في خفض ودعة ، بل رتبت أسباب هلاكهم ، فتحولوا من حال إلى حال ، إلى أن حل بهم عذاب الاستئصال .

                                                                                                                                                                                                                                      وتصدير الجملة بالقسم لإظهار الاعتناء بمضمونها ، والسنون جمع سنة ، والمراد بها : عام القحط ، وفيها لغتان ، أشهرهما إجراؤها مجرى المذكر السالم ، فيرفع بالواو وينصب ويجر بالياء ، ويحذف نونه بالإضافة .

                                                                                                                                                                                                                                      واللغة الثانية إجراء الإعراب على النون ، ولكن مع الباء خاصة ، إما بإثبات تنوينها ، أو بحذفه . قال الفراء : هي في اللغة مصروفة عند بني عامر ، وغير مصروفة عند بني تميم ، ووجه حذف التنوين التخفيف ، وحينئذ لا يحذف النون للإضافة ، وعلى ذلك جاء قول الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                      دعاني من نجد فإن سنينه ... لعبن بنا شيبا وشيبننا مردا



                                                                                                                                                                                                                                      وجاء الحديث : " اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف " ، وسنين كسنين يوسف ، باللغتين .

                                                                                                                                                                                                                                      ونقص من الثمرات بإصابة العاهات . عن كعب : يأتي على الناس زمان لا تحمل النخلة إلا تمرة . قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : أما السنون فكانت لباديتهم وأهل ماشيتهم ، وأما نقص الثمرات فكان في أمصارهم .

                                                                                                                                                                                                                                      لعلهم يذكرون كي يتذكروا ويتعظوا بذلك ، ويقفوا على أن ذلك لأجل معاصيهم ، وينزجروا عما هم عليه من العتو والعناد . قال الزجاج : إن أحوال [ ص: 264 ] الشدة ترقق القلوب ، وترغب فيما عند الله عز وجل ، وفي الرجوع إليه تعالى ، ألا يرى إلى قوله تعالى : وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد مر تحقيق القول في " لعل " وفي محلها في تفسير قوله تعالى : لعلكم تتقون في أوائل سورة البقرة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية