[ ص: 397 ] وقوله : إلا الله بدل من الضمير المستكن في "يغفر " التقدير : لا يغفر أحد الذنوب إلا الله ، والمختار هنا الرفع على البدل لكون الكلام غير إيجاب ، وقد تقدم تحقيقه عند قوله تعالى : ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه . وقال : "ومن " مبتدأ ، و "يغفر " خبره ، و أبو البقاء إلا الله فاعل أو بدل من المضمر وهو الوجه ، لأنك إذا جعلت الله تعالى فاعلا احتجت إلى تقدير ضمير أي : ومن يغفر الذنوب له غير الله "وهذا الذي قاله - أعني جعله الجلالة فاعلا - يقرب من الغلط فإن الاستفهام هنا لا يراد به حقيقته ، إنما يراد النفي ، والوجه ما تقدم من كون الجلالة بدلا من ذلك الضمير المستتر العائد على " من "الاستفهامية .
قوله : ولم يصروا يجوز أن تكون جملة حالية من فاعل " استغفروا "أي : استغفروا غير مصرين ، ويجوز أن تكون هذه الجملة منسوقة على " فاستغفروا "أي : ترتب على فعلهم الفاحشة ذكر الله تعالى والاستغفار لذنوبهم وعدم إصرارهم عليها ، وتكون الجملة من قوله : ومن يغفر الذنوب إلا الله على هذين الوجهين معترضة بين المتعاطفين على الوجه الثاني ، وبين الحال وذي الحال على الأول .
قوله : وهم يعلمون يجوز أن تكون حالا ثانية من فاعل " استغفروا "وأن تكون حالا من فاعل " يصروا " ، ومفعول " يعلمون "محذوف للعلم به ، فقيل : تقديره : يعلمون أن الله يتوب على من تاب ، قاله . وقيل : يعلمون أن تركه أولى ، قاله مجاهد ابن عباس . وقيل : يعلمون المؤاخذة بها أو عفو الله عنها . و " ما "في قوله : والحسن على ما فعلوا يجوز أن تكون اسمية بمعنى الذي ، ويجوز أن تكون مصدرية .
[ ص: 398 ] والإصرار : المداومة على الشيء وترك الإقلاع عنه وتأكيد العزم على ألا يتركه ، من صر الدنانير : إذا ربط عليها ، ومنه " صرة الدراهم "لما يربط بها . وقال الحطيئة يصف خيلا :
1431 - عوابس بالشعث الكماة إذا ابتغوا علالتها بالمحصدات أصرت
أي : ثبتت وأقامت مداومة على ما حملت عليه . وقال الشاعر :
1432 - يصر بالليل ما تخفي شواكله يا ويح كل مصر القلب ختار