الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( القسم الثالث ) من صفات الله تعالى الصفات السلبية وهي كقولنا إن الله تعالى ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض ولا في حيز ولا في جهة ولا يشبه شيئا من خلقه في ذاته ولا في صفة من صفاته { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } فهذه الصفات هي نسبة بين الله تعالى وأمور مستحيلة عليه سبحانه وتعالى فإذا قال القائل وسلب الشريك عن الله تعالى أو وسلب الجهة والمكان والجسمية وغير ذلك من هذه السلوب نحو وحدانية الله تعالى وعفوه وحلمه وتسبيحه وتقديسه فلم أر فيها نقلا فالوحدانية سلب الشريك والعفو إسقاط العقوبة والحلم تأخيرها فهذه السلوب منها قديم نحو سلب الشريك وهو الوحدانية وسلب الجسمية والعرضية والجوهرية والأينية وسلب جميع المستحيلات عليه تعالى فهذه السلوب قديمة هي أقرب لانعقاد اليمين بها لأنها قديمة متعلقة بالله تعالى لا سيما إذا كانت الإضافة في اللفظ إلى الله تعالى نحو قولنا ووحدانية الله تعالى وتسبيح الله تعالى وتقديس الله تعالى ونحو ذلك بخلاف أن يقول وسلب الجسم وسلب الشريك فإن الإضافة لغير الله تعالى تبعد انعقاد اليمين ومنها سلوب محدثة نحو عفو الله تعالى بعد تحقق الجناية .

وكذلك حلمه تعالى فإنه تأخير العقوبة [ ص: 46 ] بعد تحقق الجناية والجناية من العباد حادثة فالمتأخر عن الحادث حادث فهي سلوب حادثة فهي أبعد عن انعقاد اليمين من السلوب القديمة لاجتماع السلب والحدوث فيها فبعدت من وجهين بخلاف السلوب القديمة إنما بعدت من حيث السلب فالذي يقول لا تنعقد اليمين بالصفات المعنوية الثبوتية يقول هاهنا بعدم الانعقاد بطريق الأولى والذي يقول تنعقد اليمين بالصفات الثبوتية كالعلم والقدرة أمكن أن يقول بعدم الانعقاد هاهنا لأجل السلب فهذا موضع يحتمل الإطلاق بانعقاد اليمين وبعدم انعقادها ويحتمل التفصيل بين القديم والمحدث ولم أجد في هذه المواطن نقلا أعتمد عليه غير أني حركت من وجوه النظر والتخريج ما يمكن أن يعتمد الفقيه عليه نفيا أو إثباتا ( فائدة ) السلب في حق الله تعالى سلبان سلب نقيصة نحو سلب الجهة والجسمية وغيرهما وسلب المشارك في الكمال وهو سلب الشريك وهو الوحدانية فاعلم الفرق بينهما .

التالي السابق


حاشية ابن الشاط

قال ( القسم الثالث من صفات الله تعالى الصفات السلبية إلى آخر ما قاله في هذا القسم ) قلت ما قاله صحيح غير ما قاله في الحلم إنه تأخير العقوبة فإن هذا عندي فيه نظر والأقرب أن الحلم ترك المحاسبة والمعاقبة والعفو ترك المعاقبة والله أعلم .



حاشية ابن حسين المكي المالكي

( والقسم الثالث ) منها أعني السلبية قال الأمير على عبد السلام والحق أن الخلاف في كونها منحصرة أولا لفظي وأن الأصول الكلية كالمخالفة للحوادث تحته أمور كثيرة من أنه ليس جوهرا ولا عرضا إلخ منحصرة وأن الجزئيات غير متناهية ا هـ .

وهي كقولنا إن الله تعالى ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض ولا في حيز ولا في جهة ولا يشبه شيئا من خلقه في ذاته ولا في صفة من صفاته { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } فهذه الصفات هي نسبته بين الله تعالى وأمور مستحيلة عليه سبحانه وتعالى واعلم أن السلب في حق الله تعالى سلبان سلب نقيصة نحو سلب الجهة والجسمية وغيرهما وسلب المشارك في الكمال وهو سلب الشريك وهو الوحدانية قال الأصل ولم أجد في هذه المواطن نقلا أعتمد عليه في انعقاد اليمين بالسلبية وعدم انعقاده غير أني حركت من وجوه النظر والتخريج ما يمكن أن يعتمد الفقيه عليه نفيا أو إثباتا وهو أن هذه السلوب منها سلوب قديمة نحو سلب الشريك وهو الوحدانية وسلب الجسمية والعرضية والجوهرية والأينية وسلب جميع المستحيلات عليه تعالى فهذه من حيث إنها قديمة متعلقة بالله تعالى أقرب لانعقاد اليمين بها لا سيما إذا كانت بإضافة اللفظ إلى الله تعالى نحو قولنا ووحدانية الله تعالى وتسبيح الله تعالى وتقديس الله تعالى ونحو ذلك بخلاف ما إذا كانت بإضافة اللفظ لغير الله تعالى نحو قولنا وسلب الجسم وسلب الشريك فإن انعقاد اليمين بها يبعد حينئذ من حيث كونها سلوبا ومنها سلوب حادثة نحو عفو الله تعالى وحلمه تعالى فإن العفو ترك المعاقبة بعد تحقق الجناية والحلم ترك المحاسبة والمعاقبة بعد تحقق الجناية والجناية من العباد حادثة والمتأخر عن الحادث حادث فهي أبعد عن انعقاد اليمين من انعقاده بالسلوب القديمة لاجتماع الحدوث فيها مع السلب وانفراد السلب في السلوب القديمة فالذي يقول لا تنعقد اليمين بالصفات الوجودية يقول ها هنا بعدم الانعقاد بطريق الأولى والذي يقول تنعقد [ ص: 70 ] اليمين بالصفات الوجودية كالعلم والقدرة أمكن أن يقول بعدم الانعقاد ها هنا لأجل السلب فهذا موضع يحتمل الإطلاق بانعقاد اليمين وبعدم انعقادها ويحتمل التفصيل بين القديم والمحدث ا هـ .

وقال ابن الشاط والصحيح الأمور المضافة إلى الله تعالى سواء كانت إثباتا أو سلبا مثل قبلية الله ومعيته وبعديته متى عني بها أمر قديم فاليمين بها منعقدة ومتى عني بها أمر حادث فاليمين بها غير منعقدة وقصد الأمر القديم بها هو عرف الشرع ولم يحدث عرف يناقضه فيتغير الحكم لذلك ا هـ وقد علمت ما في قوله ولم يحدث عرف يناقضه إلخ فلا تغفل .




الخدمات العلمية