الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      خالد بن عبد الله ، عن الجريري ، عن رجل : أن الحسين لما أرهقه السلاح ، قال : ألا تقبلون مني ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل من المشركين ؟ كان إذا جنح أحدهم ، قبل منه . قالوا : لا . قال : فدعوني أرجع . قالوا : لا . قال : فدعوني آتي أمير المؤمنين ، فأخذ له رجل السلاح ، فقال له : أبشر بالنار ؛ فقال : بل إن شاء الله برحمة ربي ، وشفاعة نبيي . فقتل ، وجيء برأسه ، فوضع في طست بين يدي ابن زياد ، فنكته بقضيبه ، وقال : لقد كان غلاما صبيحا . ثم قال : أيكم قاتله ؟ فقام الرجل . فقال : [ ص: 311 ] وما قال لك ؟ فأعاد الحديث . . قال : فاسود وجهه .

                                                                                      أبو معشر : عن رجاله قال : قال الحسين حين نزلوا كربلاء : ما اسم هذه الأرض ؟ قالوا : كربلاء . قال : كرب وبلاء . وبعث عبيد الله لحربه عمر بن سعد ، فقال : يا عمر ! اختر مني إحدى ثلاث ؛ إما أن تتركني أرجع ، أو فسيرني إلى يزيد ، فأضع يدي في يده ، فإن أبيت ، فسيرني إلى الترك ، فأجاهد حتى أموت . فبعث بذلك إلى عبيد الله ، فهم أن يسيره إلى يزيد ، فقال له شمر بن ذي الجوشن : لا إلا أن ينزل على حكمك ، فأرسل إليه بذلك . فقال الحسين : والله لا أفعل ، وأبطأ عمر عن قتاله . فبعث إليه عبيد الله شمر بن ذي الجوشن ، فقال : إن قاتل ، وإلا فاقتله ، وكن مكانه .

                                                                                      وكان من جند عمر ثلاثون من أهل الكوفة ، فقالوا : يعرض عليكم ابن بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث خصال فلا تقبلون واحدة ! وتحولوا إلى الحسين ، فقاتلوا .

                                                                                      عباد بن العوام ، عن حصين ، قال : أدركت مقتل الحسين . فحدثني سعد بن عبيدة ، قال : رأيت الحسين وعليه جبة برود ، رماه رجل يقال له عمرو بن خالد الطهوي بسهم ، فنظرت إلى السهم في جنبه .

                                                                                      هشام بن الكلبي ، عن أبيه قال : رمى زرعة الحسين بسهم ، فأصاب حنكه ، فجعل يتلقى الدم ، ثم يقول هكذا إلى السماء . ودعا بماء ليشرب ، فلما رماه ، حال بينه وبين الماء ، فقال : اللهم ظمه . قال : فحدثني من شهده وهو يموت ، وهو يصيح من الحر في بطنه والبرد في ظهره ، وبين [ ص: 312 ] يديه المراوح والثلج وهو يقول : اسقوني أهلكني العطش . فانقد بطنه .

                                                                                      الكلبي رافضي متهم .

                                                                                      قال الحسن البصري : أقبل مع الحسين ستة عشر رجلا من أهل بيته .

                                                                                      وعن ابن سيرين : لم تبك السماء على أحد بعد يحيى - عليه السلام - إلا على الحسين .

                                                                                      عثمان بن أبي شيبة : حدثنا أبي ، عن جدي ، عن عيسى بن الحارث الكندي ، قال : لما قتل الحسين ، مكثنا أياما سبعة ، إذا صلينا العصر ، فنظرنا إلى الشمس على أطراف الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة ، ونظرنا إلى الكواكب يضرب بعضها بعضا .

                                                                                      المدائني : عن علي بن مدرك ، عن جده الأسود بن قيس ، قال : احمرت آفاق السماء بعد قتل الحسين ستة أشهر ترى كالدم .

                                                                                      هشام بن حسان ، عن محمد ، قال : تعلم هذه الحمرة في الأفق مم ؟ هو من يوم قتل الحسين .

                                                                                      الفسوي : حدثنا مسلم بن إبراهيم قال : حدثتنا أم سوق العبدية ؛ قالت : حدثتني نضرة الأزدية ، قالت : لما أن قتل الحسين ، مطرت السماء ماء ، فأصبحت وكل شيء لنا ملآن دما .

                                                                                      جعفر بن سليمان الضبعي : حدثتني خالتي قالت : لما قتل الحسين ، مطرنا مطرا كالدم . [ ص: 313 ]

                                                                                      يحيى بن معين : حدثنا جرير ، عن يزيد بن أبي زياد ، قال : قتل الحسين ولي أربع عشرة سنة ، وصار الورس الذي كان في عسكرهم رمادا ، واحمرت آفاق السماء ، ونحروا ناقة في عسكرهم ، فكانوا يرون في لحمها النيران .

                                                                                      ابن عيينة : حدثتني جدتي قالت : لقد رأيت الورس عاد رمادا ، ولقد رأيت اللحم كأن فيه النار حين قتل الحسين .

                                                                                      حماد بن زيد : حدثني جميل بن مرة ، قال : أصابوا إبلا في عسكر الحسين يوم قتل ، فطبخوا منها ، فصارت كالعلقم .

                                                                                      قرة بن خالد : سمعت أبا رجاء العطاردي قال : كان لنا جار من بلهجيم ، فقدم الكوفة ، فقال : ما ترون هذا الفاسق ابن الفاسق قتله الله - يعني الحسين - رضي الله عنه - فرماه الله بكوكبين من السماء ، فطمس بصره .

                                                                                      قال عطاء بن مسلم الحلبي : قال السدي : أتيت كربلاء تاجرا ، فعمل لنا شيخ من طي طعاما ، فتعشينا عنده ، فذكرنا قتل الحسين ، فقلت : ما شارك أحد في قتله إلا مات ميتة سوء . فقال : ما أكذبكم ، أنا ممن شرك في ذلك . فلم نبرح حتى دنا من السراج وهو يتقد بنفط ، فذهب يخرج الفتيلة بأصبعه ، فأخذت النار فيها ، فذهب يطفئها بريقه ، فعلقت النار في لحيته ، فعدا ، فألقى نفسه في الماء ، فرأيته كأنه حممة . [ ص: 314 ]

                                                                                      ابن عيينة ، حدثتني جدتي أم أبي قالت : أدركت رجلين ممن شهد قتل الحسين ؛ فأما أحدهما ؛ فطال ذكره حتى كان يلفه . وأما الآخر ؛ فكان يستقبل الراوية ، فيشربها كلها .

                                                                                      حماد بن زيد ، عن معمر ، قال : أول ما عرف الزهري أنه تكلم في مجلس الوليد ؛ فقال الوليد : أيكم يعلم ما فعلت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين ؟ فقال الزهري : بلغني أنه لم يقلب حجر إلا وجد تحته دم عبيط .

                                                                                      حماد بن سلمة : عن علي بن زيد ، عن أنس ، قال : لما قتل الحسين ، جيء برأسه إلى ابن زياد ، فجعل ينكت بقضيب على ثناياه ، وقال : إن كان لحسن الثغر ؛ فقلت : أما والله لأسوءنك ، فقلت : لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل موضع قضيبك من فيه .

                                                                                      الحاكم في " الكنى " : حدثنا أبو بكر بن أبي داود ، حدثنا أحمد بن محمد بن عمر الحنفي ، حدثنا عمر بن يونس ، حدثنا سليمان بن أبي سليمان الزهري ، حدثنا يحيى بن أبي كثير ، حدثنا عبد الرحمن بن عمرو ، حدثني شداد بن عبد الله ؛ سمعت واثلة بن الأسقع وقد جيء برأس الحسين ، فلعنه رجل من أهل الشام ، فغضب واثلة ، وقام ، وقال : والله لا أزال أحب عليا وولديه بعد أن سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في [ ص: 315 ] منزل أم سلمة ، وألقى على فاطمة وابنيها وزوجها كساء خيبريا ثم قال : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا .

                                                                                      سليمان ضعفوه ، والحنفي متهم .

                                                                                      ويروى عن أبي داود السبيعي ، عن زيد بن أرقم ، قال : كنت عند عبيد الله ، فأتي برأس الحسين ، فأخذ قضيبا ، فجعل يفتر به عن شفتيه ، فلم أر ثغرا كان أحسن منه كأنه الدر ، فلم أملك أن رفعت صوتي بالبكاء . فقال : ما يبكيك أيها الشيخ ؟ قلت : يبكيني ما رأيت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأيته يمص موضع هذا القضيب ، ويلثمه ، ويقول : اللهم إني أحبه فأحبه .

                                                                                      حماد بن سلمة ، عن عمار بن أبي عمار ، عن ابن عباس : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النوم نصف النهار ، أشعث أغبر ، وبيده قارورة فيها دم . قلت : يا رسول الله ، ما هذا ؟ قال : هذا دم الحسين وأصحابه ، لم أزل منذ اليوم ألتقطه . فأحصي ذلك اليوم ، فوجدوه قتل يومئذ .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية