الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني مالك عن زيد بن أسلم أنه قال كان الربا في الجاهلية أن يكون للرجل على الرجل الحق إلى أجل فإذا حل الأجل قال أتقضي أم تربي فإن قضى أخذ وإلا زاده في حقه وأخر عنه في الأجل قال مالك والأمر المكروه الذي لا اختلاف فيه عندنا أن يكون للرجل على الرجل الدين إلى أجل فيضع عنه الطالب ويعجله المطلوب وذلك عندنا بمنزلة الذي يؤخر دينه بعد محله عن غريمه ويزيده الغريم في حقه قال فهذا الربا بعينه لا شك فيه قال مالك في الرجل يكون له على الرجل مائة دينار إلى أجل فإذا حلت قال له الذي عليه الدين بعني سلعة يكون ثمنها مائة دينار نقدا بمائة وخمسين إلى أجل هذا بيع لا يصلح ولم يزل أهل العلم ينهون عنه قال مالك وإنما كره ذلك لأنه إنما يعطيه ثمن ما باعه بعينه ويؤخر عنه المائة الأولى إلى الأجل الذي ذكر له آخر مرة ويزداد عليه خمسين دينارا في تأخيره عنه فهذا مكروه ولا يصلح وهو أيضا يشبه حديث زيد بن أسلم في بيع أهل الجاهلية إنهم كانوا إذا حلت ديونهم قالوا للذي عليه الدين إما أن تقضي وإما أن تربي فإن قضى أخذوا وإلا زادوهم في حقوقهم وزادوهم في الأجل

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1378 1360 - ( مالك عن زيد بن أسلم أنه قال : كان الربا في الجاهلية أن يكون للرجل على الرجل الحق إلى أجل ، فإذا حل الأجل قال : أتقضي أم تربي ؟ ) بضم فسكون أي تزيد حتى أصبر عليك ( فإذا قضى أخذ ، وإلا زاده في حقه وأخر عنه ) بمعنى زاد له ( في الأجل ) ولا خلاف أن هذا الربا الذي حرمه الله تعالى ولم تعرف العرب الربا إلا في النسيئة ، فنزل القرآن بذلك ، وزاده - صلى الله عليه وسلم - بيانا وحرم ربا الفضل كما مر ، قاله أبو عمر .

                                                                                                          ( قال مالك : والأمر المكروه الذي لا اختلاف فيه عندنا أن يكون للرجل على الرجل الدين إلى أجل فيضع عنه الطالب ويعجله المطلوب ، وذلك عندنا بمنزلة الذي يؤخر دينه بعد محله ) أي حلوله ( عن غريمه ويزيده الغريم ) المدين ( في حقه ، فهذا الربا بعينه لا شك فيه ) لأنه يدخله ربا النساء والتفاضل في الجنس الواحد كما مر .

                                                                                                          ( قال مالك في الرجل يكون له على الرجل مائة دينار إلى أجل فإذا حلت قال له الذي عليه الدين : بعني سلعة يكون ثمنها مائة دينار نقدا بمائة وخمسين إلى أجل ، هذا بيع لا يصلح ) أي فاسد ( ولم يزل أهل العلم ينهون عنه ، [ ص: 484 ] وإنما كره ذلك لأنه إنما يعطيه ثمن ما باعه بعينه ويؤخر عنه المائة الأولى إلى الأجل الذي ذكره آخر مرة ويزداد عليه خمسين دينارا في ) أي بسبب ( تأخيره عنه ، فهذا مكروه ) أي حرام ( لا يصلح ) لفساده ( وهو أيضا يشبه حديث زيد بن أسلم في بيع أهل الجاهلية أنهم كانوا إذا حلت ديونهم قالوا للذي عليه الدين : إما أن تقضي وإما أن تربي ، فإن قضى أخذوا ، وإلا زادوهم في حقوقهم وزادوهم في الأجل ) ويدخل في ذلك أيضا بيع وسلف ؛ لأنه ابتاع السلعة بمائة معجلة وخمسين مؤجلة ليؤخره التي حلت ، ووجوه من الفساد كثيرة ، فإن وقع فسخ فإن فات فالقيمة كما قاله مالك ، قاله الباجي ، وقال ابن عبد البر : كل من قال بقطع الذرائع يذهب إلى هذا ، ومن قال : لا يلزم المتبايعين إلا ما ظهر من قولهما ولم يظن بها السوء أجازه .




                                                                                                          الخدمات العلمية