الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              6355 [ ص: 475 ] 8 - باب: ميراث ابنة ابن مع ابنة

                                                                                                                                                                                                                              6736 - حدثنا آدم، حدثنا شعبة، حدثنا أبو قيس : سمعت هزيل بن شرحبيل قال: سئل أبو موسى عن ابنة وابنة ابن وأخت، فقال للابنة النصف، وللأخت النصف، وأت ابن مسعود فسيتابعني. فسئل ابن مسعود وأخبر بقول أبي موسى، فقال: لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين، أقضي فيها بما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - " للابنة النصف، ولابنة ابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت". فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود، فقال: لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم. [6742 - فتح: 12 \ 17 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث شعبة ، عن أبي قيس -واسمه عبد الرحمن بن ثروان الأودي الكوفي ، مات سنة عشرين ومائة، من أفراده- قال: سمعت هزيل بن شرحبيل -وهو من أفراده أيضا- يقول: سئل أبو موسى - رضي الله عنه -: عن ابنة وابنة ابن وأخت، فقال: للابنة النصف، وللأخت النصف، وأت ابن مسعود - رضي الله عنه - فسيتابعني. فسئل ابن مسعود وأخبر بقول أبي موسى ، فقال: لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين، أقضي فيها بما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم -: "للابنة النصف، ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت" فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود ، فقال: لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم .

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث من أفراده، ولما ذكره الإسماعيلي من حديث معاذ ، عن أبي قيس ، عن هزيل قال: لم يرفعه معاذ ، وقال عبد الكريم عن شعبة ، فلم يذكر: فأتوا أبا موسى . ولا خلاف بين الفقهاء وأهل الفرائض في ميراث [ابنة] الابن مع الابنة، وأبو موسى قد رجع إذ خصم بالسنة.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 476 ] (وفيه أن لا).

                                                                                                                                                                                                                              قلت: لكنه لم يتفرد به. قال ابن عبد البر : قال بما ذكره أبو موسى سلمان بن ربيعة ولم يتابعهما أحد عليه، وأظنهما انصرفا عنه.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: أن العالم قد يقول فيما يسأل عنه وإن لم يحط بالسنن، ولو لم يقل العالم حتى يحيط بالسنن ما تكلم أحد في الفقه.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: أن الحجة عند التنازع إلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنه ينبغي للعالم الانقياد إليها وأن صاحبها حبر.

                                                                                                                                                                                                                              ألا ترى إلى شهادة أبي موسى لابن مسعود لما خصمه بالسنة أنه حبر.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: ما كانوا عليه من الإنصاف والاعتراف بالحق لأهله، وشهادة بعضهم لبعض بالعلم والفضل، ورد العلم إلى الأعلم، وأن مطلوبهم كان الحق .

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              أسلفنا عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أن الأخت لا شيء لها مع البنات ، وإن كان مع ابنة الابن ذكر كان له ما بقي (للذكر مثل حظ الأنثيين) وكذلك إذا كثر بنو الابن.

                                                                                                                                                                                                                              وكان ابن مسعود إذا أعطى البنت النصف، وفي ولد الابن ذكر إذا قاسم بينهم ما فضل فإن أصاب البنات أكثر من السدس جعل (للبنات) السدس، وللذكر أو للذكور ما فضل، وإن أصابهن السدس فأدنى كان [ ص: 477 ] الفضل للذكر مثل حظ الأنثيين. وقال أيضا: إذا استكمل بنات الصلب الثلثين جعل الفضل لذكر ولد الابن دون إناثهم، سواء كانوا معهن في الدرجة أو أسفل منهن.

                                                                                                                                                                                                                              والجماعة على أن بنات الابن لا شيء لهن إذا استكملت البنات الثلثين ، إلا أن يكون معهن ذكر أو أسفل منهن، فيكون ما بقي له ولمن يساويه في الدرجة ولمن هو فوقه ممن لم يأخذ شيئا من الثلثين، وقيل: يرد ابن الابن على من معه ولا يرد على من فوقه، ففي هذا الخبر ثلاث فوائد: أن للبنتين الثلثين، وأن الأخوات عصبة البنات، وأن بنت الابن تقوم مقام البنت.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              (الحبر) هنا بفتح الحاء وقد تكسر.

                                                                                                                                                                                                                              قال الجوهري : الحبر والحبر واحد أحبار اليهود ، ثم قال: وبالكسر أفصح; لأنه يجمع على أفعال دون فعول. قال الفراء : هو بالكسر، وإنما قيل: كعب الحبر لمكان هذا الحبر الذي يكتب به، قال: وذلك أنه كان صاحب كتب. قال الأصمعي : لا أدري هو بالفتح (و) الكسر للرجل العالم. قال أبو عبيد : هو عندي بالفتح، ومعناه: العالم بتحبير الكلام والعلم بتحسينه، قال: وهكذا يرويه المحدثون كلهم بالفتح، وكذلك رويناه.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 478 ] قال الهروي : كان أبو الهيثم ينكر الكسر ويقول: هو بالفتح لا غير، وقال القتبي : لست أدري لما اختار أبو عبيد الكسر وترك ذكر القراء، والدليل على أنه بالفتح قولهم: كعب الأحبار أي: عالم العلماء. قال الهروي : لم ينصف أبا عبيد حيث أضاف إليه اختيارا لم يفعله، وإنما حكى عن الأئمة أقوالهم.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية