الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        2619 - حدثنا علي بن عبد الرحمن ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني الليث ، قال : حدثني ابن عجلان ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رجلا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه إشارة ، وقال : كنا نرد السلام في الصلاة ، فنهينا عن ذلك .

                                                        قال أبو جعفر : ففي هذه الآثار ما قد دل أن الإشارة لا تقطع الصلاة ، وقد جاءت مجيئا متواترا ، غير مجيء الحديث الذي خالفها ، فهي أولى منه .

                                                        وليست الإشارة في النظر من الكلام في شيء لأن الإشارة إنما هي حركة عضو ، وقد رأينا حركة سائر الأعضاء غير اليد في الصلاة ، لا تقطع الصلاة ، فكذلك حركة اليد .

                                                        فإن قال قائل : فإذا كانت الإشارة في الصلاة عندكم قد ثبت أنها بخلاف الكلام وأنها لا تقطع الصلاة كما يقطعها الكلام ، واحتججتم في ذلك بهذه الآثار التي رويتموها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم كرهتم رد السلام من المصلي بالإشارة ، وقد فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رويتموه في هذه الآثار ؟ ولئن كان ذلك حجة لكم في أن الإشارة لا تقطع الصلاة ، فإنه حجة عليكم في أن الإشارة لا بأس بها في الصلاة .

                                                        قيل له : أما ما احتججنا بهذه الآثار من أجله ، وهو أن الإشارة لا تقطع الصلاة ، فقد ثبت ذلك بهذه الآثار على ما احتججنا به منها . وأما ما ذكرت من إباحة الإشارة في الصلاة في رد السلام ؟ فليس فيها دليل على ذلك . وذلك أن الذي فيها هو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشار إليهم .

                                                        [ ص: 455 ] فلو قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن تلك الإشارة أردت بها رد السلام على من سلم علي ، ثبت بذلك أن كذلك حكم المصلي إذا سلم عليه في الصلاة . ولكنه لم يقل من ذلك شيئا ، فاحتمل أن تكون تلك الإشارة كانت ردا منه للسلام كما ذكرتم .

                                                        واحتمل أن يكون كانت منه لهيا لهم عن السلام عليه ، وهو يصلي ، فلما لم يكن في هذه الآثار من هذا شيء ، واحتملت من التأويل ما ذهب إليه كل واحد من الفريقين ، لم يكن ما تأول أحد الفريقين أولى منها ، مما تأول الآخر إلا بحجة يقيمها على مخالفه ، إما من كتاب ، وإما من سنة ، وإما من إجماع .

                                                        فإن قال قائل : فما دليلكم على كراهة ذلك . ؟

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية