الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        1714 حدثنا محمد قال حدثنا يحيى بن صالح حدثنا معاوية بن سلام حدثنا يحيى بن أبي كثير عن عكرمة قال قال ابن عباس رضي الله عنهما قد أحصر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلق رأسه وجامع نساءه ونحر هديه حتى اعتمر عاما قابلا

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله في حديث ابن عباس في آخر الباب : ( حدثنا محمد ) كذا في جميع الروايات غير منسوب ، فجزم الحاكم بأنه محمد بن يحيى الذهلي ، وأبو مسعود بأنه محمد بن مسلم بن وارة ، وذكر الكلاباذي عن ابن أبي سعيد أنه أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي ، وذكر أنه رآه في أصل عتيق ، ويؤيده أن الحديث وجد من حديثه عن يحيى بن صالح المذكور ، كذلك أخرجه الإسماعيلي وأبو نعيم في مستخرجيهما من طريق أبي حاتم ، ورواية البخاري عنه في باب الذبح ، فإنه روى عنه البخاري . قلت : ويحتمل أن يكون هو محمد بن إسحاق الصغاني فقد وجدت الحديث من روايته عن يحيى بن صالح كما سأذكره .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن عكرمة قال : فقال ابن عباس ) هكذا رأيته في جميع النسخ ، وهو يقتضي سبق كلام يعقبه قوله : " فقال ابن عباس " ولم ينبه عليه أحد من شراح هذا الكتاب ، ولا بينه الإسماعيلي ولا أبو نعيم ؛ لأنهما اقتصرا من الحديث على ما أخرجه البخاري ، وقد بحثت عنه إلى أن يسر الله بالوقوف عليه ، فقرأت في " كتاب الصحابة " لابن السكن قال : " حدثني هارون بن عيسى ، حدثنا الصغاني هو محمد بن إسحاق أحد شيوخ مسلم ، حدثنا يحيى بن صالح ، حدثنا معاوية بن سلام ، ، عن يحيى بن أبي كثير قال : سألت عكرمة فقال : قال عبد الله بن رافع مولى أم سلمة أنها سألت الحجاج بن عمرو الأنصاري عمن حبس وهو محرم ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من عرج أو كسر أو حبس فليجزئ مثلها وهو في حل قال : فحدثت به أبا هريرة فقال : صدق ، وحدثته ابن عباس فقال : قد أحصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحلق ونحر هديه وجامع نساءه حتى اعتمر عاما قابلا " ، فعرف بهذا السياق القدر الذي حذفه البخاري من هذا الحديث ، والسبب في حذفه أن الزائد ليس على شرطه ؛ لأنه قد اختلف في حديث الحجاج بن عمرو على يحيى بن أبي كثير ، عن عكرمة ، مع كون عبد الله بن رافع ليس من شرط البخاري ، فأخرجه أصحاب السنن وابن خزيمة والدارقطني والحاكم من طرق ، عن الحجاج الصواف ، ، عن يحيى ، ، عن عكرمة ، عن الحجاج به ، وقال في آخره : " قال عكرمة : فسألت أبا هريرة وابن عباس فقالا صدق " .

                                                                                                                                                                                                        ووقع في رواية يحيى القطان وغيره في سياقه : " سمعت الحجاج " وأخرجه أبو داود والترمذي من طريق معمر ، ، عن يحيى ، ، عن عكرمة ، ، عن عبد الله بن رافع ، [ ص: 11 ] عن الحجاج ، قال الترمذي : وتابع معمرا على زيادة عبد الله بن رافع معاوية بن سلام ، وسمعت محمدا يعني : البخاري يقول : رواية معمر ومعاوية أصح ، انتهى . فاقتصر البخاري على ما هو من شرط كتابه ، مع أن الذي حذفه ليس بعيدا من الصحة ، فإنه إن كان عكرمة سمعه من الحجاج بن عمرو فذاك ، وإلا فالواسطة بينهما - وهو عبد الله بن رافع - ثقة ، وإن كان البخاري لم يخرج له . وبهذا الحديث احتج من قال : لا فرق بين الإحصار بالعدو وبغيره كما تقدمت الإشارة إليه ، واستدل به على أن من تحلل بالإحصار وجب عليه قضاء ما تحلل منه ، وهو ظاهر الحديث ، وقال الجمهور : لا يجب ، وبه قال الحنفية . وعن أحمد روايتان . وسيأتي البحث فيه بعد بابين ، إن شاء الله تعالى .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية