الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        2050 حدثنا الصلت بن محمد حدثنا عبد الواحد حدثنا معمر عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تلقوا الركبان ولا يبع حاضر لباد قال فقلت لابن عباس ما قوله لا يبيع حاضر لباد قال لا يكون له سمسارا

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا عبد الواحد ) هو ابن زياد

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لا تلقوا الركبان ) زاد الكشميهني في روايته " للبيع " وسيأتي الكلام عليه قريبا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لا يكون له سمسارا ) بمهملتين هو في الأصل القيم بالأمر والحافظ له ، ثم استعمل في متولي البيع والشراء لغيره ، وفي هذا التفسير تعقب على من فسر الحاضر بالبادي بأن المراد نهي الحاضر أن يبيع للبادي في زمن الغلاء شيئا يحتاج إليه أهل البلد فهذا مذكور في كتب الحنفية ، وقال غيرهم : صورته أن يجيء البلد غريب بسلعته يريد بيعها بسعر الوقت في الحال ، فيأتيه بلدي فيقول له : ضعه عندي لأبيعه لك على التدريج بأغلى من هذا السعر ، فجعلوا الحكم منوطا بالبادي ومن شاركه في معناه . قال : وإنما ذكر البادي في الحديث لكونه الغالب فألحق به من يشاركه في عدم معرفة السعر الحاضر وإضرار أهل البلد بالإشارة عليه بأن لا يبادر بالبيع ، وهذا تفسير الشافعية والحنابلة ، وجعل المالكية البداوة قيدا ، وعن مالك لا يلتحق بالبدوي في ذلك إلا من كان يشبهه ، قال : فأما أهل القرى الذين يعرفون أثمان السلع والأسواق فليسوا داخلين في ذلك .

                                                                                                                                                                                                        قال ابن المنذر : اختلفوا في هذا النهي فالجمهور أنه على التحريم بشرط العلم بالنهي ، وأن يكون المتاع المجلوب مما يحتاج إليه ، وأن يعرض الحضري ذلك على البدوي ، فلو عرضه البدوي على الحضري [ ص: 435 ] لم يمنع . وزاد بعض الشافعية عموم الحاجة وأن يظهر ببيع ذلك المتاع السعة في تلك البلد ، قال ابن دقيق العيد : أكثر هذه الشروط تدور بين اتباع المعنى أو اللفظ ، والذي ينبغي أن ينظر في المعنى إلى الظهور والخفاء فحيث يظهر يخصص النص أو يعمم ، وحيث يخفى فاتباع اللفظ أولى ، فأما اشتراط أن يلتمس البلدي ذلك فلا يقوى لعدم دلالة اللفظ عليه وعدم ظهور المعنى فيه ، فإن الضرر الذي علل به النهي لا يفترق الحال فيه بين سؤال البلدي وعدمه ، وأما اشتراط أن يكون الطعام مما تدعو الحاجة إليه فمتوسط بين الظهور وعدمه ، وأما اشتراط ظهور السعة فكذلك أيضا لاحتمال أن يكون المقصود مجرد تفويت الربح والرزق على أهل البلد ، وأما اشتراط العلم بالنهي فلا إشكال فيه . وقال السبكي : شرط حاجة الناس إليه معتبر ، ولم يذكر جماعة عمومها وإنما ذكره الرافعي تبعا للبغوي ويحتاج إلى دليل . واختلفوا أيضا فيما إذا وقع البيع مع وجود الشروط المذكورة هل يصح مع التحريم أو لا يصح؟ على القاعدة المشهورة .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية