الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قلت له أرأيت إذا جامعتنا في أن لا نكاح إلا بشاهدين واكتفينا إذا قلت بشاهدين أني إنما أردت الشاهدين الذين تجوز شهادتهما فأما من لا تجوز شهادته فلا يجوز النكاح به كما يكون من شهد بحق ممن لا تجوز شهادته غير مأخوذ بشهادته حق فقلت أنت تجيز النكاح بغير من تجوز شهادته إذا وقع عليها اسم الشهادة فكيف قلت بالاسم دون العدل هنا ولم تقل هناك ؟ قال لما جاء الحديث فلم يذكر عدلا قلت هذا معفو عن العدل فيه فقلت له قد ذكر الله عز وجل شهود الزنا والقذف والبيع في القرآن ولم يذكر عدلا وشرط العدل في موضع غير هذا الموضع أفرأيت إن قال لك رجل بمثل حجتك إذا سكت عن ذكر العدل وسمى الشهود اكتفيت بتسمية الشهود دون العدل ؟ قال ليس ذلك له إذا ذكر الله الشهود وشرط فيهم العدالة في موضع ثم سكت عن ذكر العدالة فيهم في غيره استدللت على أنه لم يرد بالشهود إلا أن يكونوا عدولا قلت وكذلك إذا قلت لرجل في حق ائت بشاهدين لم تقبل إلا عدولا ؟ قال : نعم قلت أفيعدو النكاح أن يكون كبعض هذا فلا يقبل فيه إلا العدل وكالبيوع لا يستغنى فيه عن الشهادة إذا تشاجر الزوجان أو يكون فيه خبر عن أحد يلزم قوله فينتهي إليه ؟ قال ما فيه خبر وما هو بقياس ولكنا استحسناه ووجدنا بعض أصحابك يقول قريبا منه ، فقلت له إذا لم يكن خبرا ولا قياسا وجاز لك أن تستحسن خلاف الخبر فلم يبق عندك من الخطأ شيء إلا قد أجزته ، قال فقد قال بعض أصحابك إذا أشيد بالنكاح ولم يعقد بالشهود جاز وإن عقد بشهود ولم يشد به لم يجز " قال الربيع أشيد يعني إذا تحدث الناس بعضهم في بعض فلان تزوج وفلانة خدر " فقلت له أفترى ما احتججت به من هذا فتشبه به على أحد ؟ قال لا هو خلاف الحديث وخلاف القياس لأنه لا يعدو أن يكون كالبيوع فالبيوع يستغنى فيها عن الشهود وعن الإشادة ولا ينقضها الكتمان أو تكون سنته الشهود والشهود إنما يشهدون على العقد والعقد ما لم يعقد فإذا وقع العقد بلا شهود لم تجزه الإشادة والإشادة غير شهادة .

قلت له فإذا كان هذا القول خطأ عندك فكيف احتججت به وبالسنة [ ص: 184 ] عليه ؟ قال غيره من أصحابه فإن احتججت بالذي قال بالإشادة فقلت إنما أريد بالإشادة أن يكون يذهب التهمة ويكون أمرهما عند غير الزوجين أنهما زوجان قلت : فإن قال لك قائل هذا في المتنازعين في البيع فجاء المدعي بمن يذكر أنه سمع في الإشادة أن فلانا اشترى دار فلان أتجعل هذه بيعا ؟ قال : لا قلت فإن كانوا ألفا ؟ قال فإني لا أقبل إلا البينة القاطعة قلت : فهكذا نقول لك في النكاح بل النكاح أولى لأن أصل النكاح لا يحل إلا بالبينة ، وأصل البيع يحل بغير بينة وقلت : أرأيت لو أشيد بنكاح امرأة وأنكرت المرأة النكاح أكنا نلزمها النكاح بلا بينة ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية