الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 288 ] وعن أبي سعيد قال : { أصيب رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمار ابتاعها ، فكثر دينه ، فقال : تصدقوا عليه ، فتصدق الناس عليه ، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لغرمائه : خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك } رواه الجماعة إلا البخاري )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            قوله : ( في ثمار ابتاعها ) هذا يدل على أن الثمار إذا أصيبت مضمونة على المشتري ، وقد تقدم في باب وضع الجوائح ما يدل على أنه يجب على البائع أن يضع عن المشتري بقدر ما أصابته الجائحة ، وقد جمع بينهما بأن وضع الجوائح محمول على الاستحباب ، وقيل : إنه خاص بما بيع من الثمار قبل بدو صلاحه وقيل : إنه يؤول حديث أبي سعيد هذا بأن التصدق على الغريم من باب الاستحباب وكذلك قضاؤه دين غرمائه من باب التعرض لمكارم الأخلاق ، وليس التصدق على جهة العزم ولا القضاء للغرماء على جهة الحتم ، وهذا هو الظاهر ، ويدل عليه قوله في حديث وضع الجوائح : { لا يحل لك أن تأخذ منه شيئا ، بم تأخذ مال أخيك ؟ } فإنه صريح في وجوب الوضع لا في استحبابه وكذلك قوله في هذا الحديث : " وليس لكم إلا ذلك " فإنه يدل على أن الدين غير لازم ، ولو كان لازما لما سقط الدين بمجرد الإعسار ، بل كان اللازم الإنظار إلى ميسرة

                                                                                                                                            وقد قدمنا في باب وضع الجوائح عدم صلاحية حديث أبي سعيد هذا للاستدلال به على عدم وضع الجوائح لوجهين ذكرناهما هنالك وقد استدل بالحديث على أن المفلس إذا كان له من المال دون ما عليه من الدين كان الواجب عليه لغرمائه تسليم المال ، ولا يجب عليه لهم شيء غير ذلك ، وظاهره أن الزيادة ساقطة عنه ، ولو أيسر بعد ذلك لم يطالب بها




                                                                                                                                            الخدمات العلمية