الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ولا تصح إلا بشروط خمسة ، أحدها : أن يعقد على نفع العين دون أجزائها ، فلا تصح إجارة الطعام للأكل ، ولا الشمع لشعله ، ولا حيوان ليأخذ لبنه إلا في الظئر ، ونقع البئر فإنه يدخل تبعا .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( ولا تصح إلا بشروط خمسة ، أحدها : أن يعقد على نفع العين دون أجزائها ) لأن الإجارة هي بيع المنافع فلا تدخل الأجزاء فيها ( فلا تصح [ ص: 77 ] إجارة الطعام للأكل ، ولا الشمع لشعله ) لأن هذا لا ينتفع به إلا بإتلاف عينه فلم يجز ، كما لو استأجر دينارا لينفقه ، فلو اكترى شمعة ليسرجها ويرد بقيتها وثمن ما ذهب وأجر الباقي فهو فاسد ; لأنه يشمل بيعا وإجارة ، وما وقع عليه عقد البيع مجهول ، وحيث جهل جهل الآخران ( ولا حيوان ليأخذ لبنه ) كالإبل ونحوها ، وأخذ الصوف ، والشعر ، والوبر كاللبن ، وجوز الشيخ تقي الدين إجارة الحيوان لأخذ لبنه ، فإن قام عليها المستأجر وعلفها فكاستئجار الشجر ، وإن علفها ربها وأخذ المشتري اللبن فبيع ، وليس هذا بغرر ، فإنه كمنيحة الشاة وهو عاريتها للانتفاع بلبنها كما يعيره الدابة لركوبها ; لأن هذا يحدث شيئا فشيئا فهو بالمنافع أشبه ، فإلحاقه بها أولى ( إلا في الظئر ) فإنه يجوز وقد تقدم ( ونقع البئر ) أي ماؤها المستنقع فيها ، قاله ابن فارس ، وعبر في " المبهج " وغيره : وماء بئر ( فإنه يدخل تبعا ) هو عائد إلى الأجير لإفراده الضمير ، ولا يصح عوده إلى الظئر ; لأن المعقود عليه إن كان الخدمة فلا يصح استثناؤها مما ذكر ; لأنها ليست من جنس المستثنى منه ; لأن خدمة المرضعة تقع مع بقاء العين ، وإن كان اللبن فلا يصح قوله : يدخل تبعا ; لأنه معقود عليه فهو أصل لا تبع بخلاف نقع البئر فإن هواء البئر وعمقه فيه نوع انتفاع لمرور الدلو فيه ، وفي " التبصرة " يعود ذلك إليهما . انتهى . وكذا حبر ناسخ ، وخيوط خياط ، وكحل كحال ، ومرهم طبيب ، ومنعه في " المغني " قال ابن عقيل : يجوز استئجار البئر ليسقى منه أياما معلوما ، وفي " الفصول " إنه لا يستحق بالإجارة ; لأنه إنما يملك بحيازته .

                                                                                                                          [ ص: 78 ] تنبيه : ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يجوز إجارة الفحل للضراب لنهيه عليه السلام عن عسب الفحل ، متفق عليه ، ولأن المقصود الماء وهو محرم لا قيمة له ، فلم يجز أخذ العوض عنه كالميتة ، وصرح أبو الخطاب وجها بجوازه بناء على إجارة الظئر والبئر لأن الحاجة تدعو إليه فينبغي أن يوقع العقد على العمل ، ويقدره بمرة أو مرتين ، وقيل : يقدر بالمدة وهو بعيد إلا أن يكتري فحلا لإطراق ماشية كثيرة ، والمذهب الأول ، فإن احتاج إليه ولم يجد من يطرقه له جاز أن يبذل الكراء وليس للمطرق أخذه ، فإن أطرق إنسان فحله بغير شرط فأهديت له هدية لذلك فلا بأس ، قاله في " المغني " ، و " الشرح " ، ونقل ابن القاسم : لم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى شيئا كالحجام ، فحمله القاضي على ظاهره وأنه مقتضى النظر ، وحمله في " المغني " على الورع ، وهو ظاهر ، قال الشيخ تقي الدين : فلو أنزاه على فرسه فنقص ضمن نقصه .




                                                                                                                          الخدمات العلمية