الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                وكذلك ما ادعوا أنه مجاز في القرآن كلفظ " المكر " و " الاستهزاء " و " السخرية " المضاف إلى الله وزعموا أنه مسمى باسم ما يقابله على طريق المجاز وليس كذلك بل مسميات هذه الأسماء إذا فعلت بمن لا يستحق العقوبة كانت ظلما له وأما إذا فعلت بمن فعلها بالمجني عليه عقوبة له بمثل فعله كانت عدلا كما قال تعالى : { كذلك كدنا ليوسف } . فكاد له كما كادت إخوته لما قال له أبوه : { لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا } . وقال تعالى : { إنهم يكيدون كيدا } { وأكيد كيدا } . وقال تعالى : { ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون } { فانظر كيف كان عاقبة مكرهم } . وقال تعالى : { الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم } . ولهذا كان الاستهزاء بهم فعلا يستحق هذا الاسم كما [ ص: 112 ] روي عن ابن عباس ; أنه يفتح لهم باب من الجنة وهم في النار فيسرعون إليه فيغلق ثم يفتح لهم باب آخر فيسرعون إليه فيغلق فيضحك منهم المؤمنون . قال تعالى : { فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون } { على الأرائك ينظرون } { هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون } . وعن الحسن البصري : إذا كان يوم القيامة ; خمدت النار لهم كما تخمد الإهالة من القدر فيمشون فيخسف بهم . وعن مقاتل : إذا ضرب بينهم وبين المؤمنين بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب فيبقون في الظلمة فيقال لهم : ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا . وقال بعضهم : استهزاؤه : استدراجه لهم . وقيل : إيقاع استهزائهم ورد خداعهم ومكرهم عليهم . وقيل : إنه يظهر لهم في الدنيا خلاف ما أبطن في الآخرة . وقيل هو تجهيلهم وتخطئتهم فيما فعلوه ; وهذا كله حق وهو استهزاء بهم حقيقة .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية