الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              5179 [ 2811 ] وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة .

                                                                                              رواه أحمد (2 \ 310) ، والبخاري (1591) ، ومسلم (2909) (57 و 58) ، والنسائي (5 \ 216) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قوله : " يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة ") ، وزاد أبو داود في هذا الحديث : " ويخرج كنزها ") السويقتان : تصغير الساقين ، وإحداهما سويقة ، وصغرهما لدقتهما ورقتهما ، وهي صفة سوق الحبشة غالبا ، وقد وصفه النبي صلى الله عليه وسلم في حديث آخر بقوله : كأني به أسود أفحج ، يقلعها حجرا حجرا " . والفحج : [ ص: 246 ] تباعد ما بين الساقين ، ولا يعارض هذا قوله تعالى : أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم [ العنكبوت : 69 ] ; لأن تخريب الكعبة على يدي هذا الحبشي إنما يكون عند خراب الدنيا ، ولعل ذلك في الوقت الذي لا يبقى إلا شرار الخلق ، فيكون حرما آمنا مع بقاء الدين وأهله ، فإذا ذهبوا ارتفع ذلك المعنى .

                                                                                              قلت : وتحقيق الجواب عن ذلك أنه لا يلزم من قوله تعالى : أنا جعلنا حرما آمنا أن يكون ذلك دائما في كل الأوقات ، بل إذا حصلت له حرمة وأمن في وقت ما ، فقد صدق اللفظ وصح المعنى ، ولا يعارضه ارتفاع ذلك المعنى في وقت آخر ، فإن قيل : فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله أحل لي مكة ساعة من نهار ، ثم عادت حرمتها إلى يوم القيامة " . قلنا : أما الحكم بالحرمة والأمن فلم يرتفع ، ولا يرتفع إلى يوم القيامة إذ لم ينسخ ذلك بالإجماع ، وأما وقوع الخوف فيها وترك حرمتها ، فقد وجد ذلك كثيرا ، ويكفيك بعوث يزيد بن معاوية ، وجيوش عبد الملك ، وقتال الحجاج لعبد الله بن الزبير ، وغير ذلك مما جرى لها ، وما فعل فيها من إحراق الكعبة ورميها بحجارة المنجنيق .




                                                                                              الخدمات العلمية