الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة العشرون :

                                                                                                                                                                                                                                            أصل الإعراب أن يكون بالحركة : لأنا ذكرنا أن الأصل في الإعراب أن يجعل الأحوال العارضة للفظ دلائل على الأحوال العارضة للمعنى ، والعارض للحرف هو الحركة لا الحرف الثاني ، وأما الصور التي جاء إعرابها بالحروف فذلك للتنبيه على أن هذه الحروف من جنس تلك الحركات .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الحادية والعشرون :

                                                                                                                                                                                                                                            الاسم المعرب ، ويقال له المتمكن : نوعان :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدهما : ما يستوفي حركات الإعراب والتنوين وهو المنصرف والأمكن .

                                                                                                                                                                                                                                            والثاني ما لا يكون كذلك بل يحذف عنه الجر والتنوين ويحرك بالفتح في موضع الجر إلا إذا أضيف أو دخله لام التعريف ، ويسمى غير المنصرف ، والأسباب المانعة من الصرف تسعة فمتى حصل في الاسم اثنان منها أو تكرر سبب واحد فيه امتنع من الصرف وهي : العلمية والتأنيث اللازم لفظا ومعنى ، ووزن الفعل الخاص به أو الغالب عليه ، والوصفية ، والعدل ، والجمع الذي ليس على زنة واحدة ، والتركيب ، والعجمة في الأعلام خاصة ، والألف والنون المضارعتان لألفي التأنيث .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية والعشرون :

                                                                                                                                                                                                                                            إنما صار اجتماع اثنين من هذه التسعة مانعا من الصرف ؛ لأن كل واحد منها فرع ، والفعل فرع عن الاسم ، فإذا حصل في الاسم سببان من هذه التسعة صار ذلك الاسم شبيها بالفعل في الفرعية ، وتلك المشابهة تقتضي منع الصرف ، فهذه مقدمات أربع :

                                                                                                                                                                                                                                            المقدمة الأولى :

                                                                                                                                                                                                                                            في بيان أن كل واحد من هذه التسعة فرع ، أما بيان أن العلمية فرع ؛ فلأن وضع الاسم للشيء لا يمكن إلا بعد صيرورته معلوما ، والشيء في الأصل لا يكون معلوما ثم يصير معلوما ، وأما أن التأنيث فرع ؛ فبيانه تارة بحسب اللفظ وأخرى بحسب المعنى . أما بحسب اللفظ ؛ فلأن كل لفظة وضعت لماهية فإنها تقع على الذكر من تلك الماهية بلا زيادة وعلى الأنثى بزيادة علامة التأنيث ، وأما بحسب المعنى ؛ فلأن الذكر أكمل من الأنثى ، والكامل مقصود بالذات ، والناقص مقصود بالعرض .

                                                                                                                                                                                                                                            وأما أن الوزن الخاص بالفعل أو الغالب عليه فرع ؛ فلأن وزن الفعل فرع للفعل ، والفعل فرع للاسم ، وفرع الفرع فرع ، وأما أن الوصف فرع ؛ فلأن الوصف فرع عن الموصوف ، وأما أن العدل فرع فلأن العدول عن الشيء إلى غيره مسبوق بوجود ذلك الأصل وفرع عليه ، وأما أن الجمع الذي ليس على زنته واحد فرع فلأن ذلك الوزن فرع على وجود الجمع ؛ لأنه لا يوجد إلا فيه ، والجمع فرع على الواحد : لأن الكثرة فرع على الوحدة ، وفرع الفرع فرع ، وبهذا الطريق يظهر أن التركيب فرع ، وأما أن المعجمة فرع ؛ فلأن تكلم كل طائفة بلغة أنفسهم أصل ، وبلغة غيرهم فرع ، وأما أن الألف والنون في سكران وأمثاله يفيدان الفرعية ؛ فلأن الألف والنون زائدان على جوهر الكلمة ، والزائد فرع فثبت بما ذكرنا أن هذه الأسباب التسعة توجب الفرعية .

                                                                                                                                                                                                                                            المقدمة الثانية :

                                                                                                                                                                                                                                            في بيان أن الفعل فرع ، والدليل عليه أن الفعل عبارة عن اللفظ الدال على وقوع المصدر في زمان معين فوجب كونه فرعا على المصدر . [ ص: 51 ]

                                                                                                                                                                                                                                            المقدمة الثالثة :

                                                                                                                                                                                                                                            أنه لما ثبت ما ذكرناه ثبت أن الاسم الموصوف بأمرين من تلك الأمور التسعة يكون مشابها للفعل في الفرعية ومخالفا له في كونه اسما في ذاته ، والأصل في الفعل عدم الإعراب كما ذكرنا ، فوجب أن يحصل في مثل هذا الاسم أثران بحسب كل واحد من الاعتبارين المذكورين ، وطريقه أن يبقى إعرابها من أكثر الوجوه ، ويمنع من إعرابها من بعض الوجوه ليتوفر على كل واحد من الاعتبارين ما يليق به .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة والعشرون :

                                                                                                                                                                                                                                            إنما ظهر هذا الأثر في منع التنوين والجر لأجل أن التنوين يدل على كمال الاسم ، فإذا ضعف الاسم بحسب حصول هذه الفرعية أزيل عنه ما دل على كمال حاله ، وأما الجر ؛ فلأن الفعل يحصل فيه الرفع والنصب ، وأما الجر فغير حاصل فيه ، فلما صارت الأسماء مشابهة للفعل لا جرم سلب عنها الجر الذي هو من خواص الأسماء .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية