الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            2337 - ( وعن أبي المنهال { أن زيد بن أرقم والبراء بن عازب كانا شريكين فاشتريا فضة بنقد ونسيئة ، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمرهما أن ما كان بنقد فأجيزوه ، وما كان بنسيئة فردوه } رواه أحمد والبخاري بمعناه )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            لفظ البخاري { ما كان يدا بيد فخذوه ، وما كان نسيئة فردوه } والحديث استدل به على جواز تفريق الصفقة فيصح الصحيح منها ويبطل ما لا يصح وتعقب باحتمال أن يكونا عقدا عقدين مختلفين ، ويؤيده ما في البخاري في باب الهجرة إلى المدينة عن أبي المنهال المذكور فذكر هذا الحديث ، وفيه { قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ونحن نتبايع هذا البيع فقال : ما كان يدا بيد فليس به بأس ، وما كان نسيئة فلا يصلح } فمعنى قوله : " ما كان يدا بيد فخذوه " أي : ما وقع لكم فيه التقابض في المجلس فهو صحيح فأمضوه ، وما لم يقع لكم فيه التقابض فليس بصحيح فاتركوه ، ولا يلزم من ذلك أن يكونا جميعا في عقد واحد واستدل بهذا الحديث أيضا على جواز الشركة في الدراهم والدنانير ، وهو إجماع كما قال ابن بطال ، لكن لا بد أن يكون نقد كل واحد منهما مثل نقد صاحبه ثم يخلطا ذلك حتى لا يتميز ثم يتصرفا جميعا ، إلا أن يقيم كل واحد منهما الآخر مقام نفسه وقد حكى أيضا ابن بطال أن هذا الشرط مجمع عليه

                                                                                                                                            واختلفوا : إذا كانت الدنانير من أحدهما والدراهم من الآخر فمنعه الشافعي ومالك في المشهور عنه والكوفيون إلا الثوري ، واختلفوا أيضا هل تصح الشركة في غير النقدين ؟ فذهب الجمهور إلى الصحة [ ص: 317 ] في كل ما يتملك ، وقيل : يختص بالنقد المضروب ، والأصح عند الشافعية اختصاصها بالمثل وحديث اشتراك الصحابة في أزوادهم في غزوة الساحل كما في حديث جابر عند البخاري وغيره يرد على من قال باختصاص الشركة بالنقد ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قررهم على ذلك وكذلك حديث سلمة بن الأكوع عند البخاري وغيره { أنهم جمعوا أزوادهم ودعا النبي صلى الله عليه وسلم لهم فيها بالبركة } ويرد على الشافعية حديث أبي عبيدة الآتي ، وحديث رويفع والحاصل أن الأصل الجواز في جميع أنواع الأموال ، فمن ادعى الاختصاص بنوع واحد أو بأنواع مخصوصة ونفى جواز ما عداها فعليه الدليل ، وهكذا الأصل جواز جميع أنواع الشرك المفصلة في كتب الفقه فلا تقبل دعوى الاختصاص بالبعض إلا بدليل




                                                                                                                                            الخدمات العلمية