الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم تختف الوساوس القهرية رغم تحسن حالتي بالبروزاك

السؤال

أشكر القائمين على هذا الموقع المفيد، والذي غير لي حياتي بجهودكم وجهود الدكتور محمد عبد العليم.

أنا آخذ البروزاك منذ (12) سنة، وكانت حالتي من قبل عبارة عن اكتئاب ووساوس قهرية، أثرت علي كثيراً -والحمد لله- بعد أخذي للبروزاك تغيرت للأحسن، ولكن هناك بعض الأشياء تضايقني، لا أدري هل هي من أعراض الدواء أم لا, الوساوس القهرية لم تختف نهائياً, فمثلاً عند دراستي لمادة وحفظها يأتيني شيء في عقلي يقول لي: لا تحفظ لا تفهم! فأتوتر وأصاب بقلق وضيق في النفس؛ فأترك الدراسة, وفعلاً من بعد أن كنت من المتفوقين أصبحت لا أحفظ شطر بيت من الشعر, وهذا الفكر لا يأتيني في الدراسة فقط، بل في أشياء كثيرة, في عملي شيء يقول لي: لا تفعل كذا, وتصيبني نفس الأعراض السابقة.

ثانياً: أصبحت حساساً جداً وطيباً جداً، مما أثر علي في عملي، فأصبحت لا أعرف كيف آخذ حقي, أحس بغضب شديد داخلياً، ولكن ظاهرياً شكلي مسالم جدًا, وأصبحوا يستغلونني في كل شيء.

ثالثاً: أصبحت أنظر إلى نفسي بنوع من الدونية, أحس أن كل الناس أفضل مني.

رابعاً: أصبحت دائم الملاحظة على نفسي في كل صغيرة وكبيرة.

خامساً: أحس دائماً باندفاع وقلق مع تفكير متسارع.

سؤالي: هل أستطيع تغيير البروزاك إلى دواء آخر ويكون بنفس سلامة البروزاك؟ فأنا أخاف كثيراً من الأدوية, وأنا متزوج ولدي أبناء، ولا أريد أن أعبث بنفسي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب، أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد وأشكرك على كلماتك الطيبة وعلى رسالتك التفصيلية.

إن الحالات النفسية فيها مراحل كثيرة جداً، هنالك مراحل بدايات المرض، وهنالك إطباق المرض، ثم نأتي بعد ذلك إلى مراحل التعافي والتي تتخللها بعض الانتكاسات، ولكنها تكون ذات طبيعة بسيطة، وهنالك بعض الإخوة والأخوات الذين لديهم طبيعة قلقية تجدهم حتى بعد الشفاء أو التعافي تراودهم بعض الأفكار الوسواسية التي تشككهم في تعافيهم وفي أن صحتهم قد أصبحت ممتازة أو يأتيهم الشعور أن هذا المرض ممكن أن يهجم عليهم في أي لحظة، وهذا ما نسميه بقلق التوقع، ولا شك أن له آثار سلبية كثيرة.

إن دواء البروزاك يعتبر كشفاً عملياً حقيقياً، وهذا الدواء حين أتى إلى الأسواق الدوائية عام (1988) كان الناس في حيرة كبيرة، وذلك نسبة لأنه كانت توجد أدوية فعالة, ولكن آثاره الجانبية كثيرة جداً، كما أن أمراض مثل المخاوف والوساوس القهرية لم تكن توجد تحضيرات دوائية حقيقية تساعد في علاجها, فمثلاً نسبة علاج الوساوس القهرية قبل ظهور البروزاك -أو حتى نكون أكثر دقة وإنصافاً قبل ظهور الأنفرانيل- كانت نسبة نجاح العلاج هي (20%) فقط، وهذه نسبة ضئيلة جداً, أما الآن نستطيع أن نقول -وبفضل من الله تعالى- نسبة علاج الوساوس لا تقل عن (80%) وهذه نسبة عالية جداً بكل المقاييس الطبية.

أخي الكريم: أطمئنك تماماً فيما يخص علاج البرزواك، أما بالنسبة للأعراض التي لازالت تنتابك للآن، فأنا أرى فيها الجانب القلقي الوسواسي، ومن طبيعة القلق الوسواسي أن يجعل الإنسان محبطاً بعض الشيء, لا نقول أنه في حالة كدر وحزن، لكن هنالك شيء من الإحباط, مشكلة الإحباط أن أول ما يؤثر عليه الإنسان هو الفعالية والأداء، فتجد هنالك اضمحلالاً في الدفاعية نحو الأداء، دراسة كانت أو عملاً أو نشاطاً اجتماعي، ولذا يقول علماء النفس إن الإنسان الذي يكون في هذا الوضع يجب أن يتجنب الحكم على نفسه من خلال مشاعره وما يحس به, إنما يجتهد ويصبر على نفسه بأن يقوم بفعاليات عملية خلال اليوم يلزم نفسه بتطبيقها بحذافيره وفي وقتها ودون أي تسويف أو مساومة مع النفس، هذا قد يكون فيه شيء من الصعوبة ولكنه ليس مستحيلاً, ومادام هو وسيلة علاجية فاعلة فلماذا لا يعطيه الإنسان الأهمية والأسبقية ويحاول تطبيقها؟

انقل نفسك إلى تطبيقات يومية عملية مهما كانت مشاعرك، مهما كان هنالك إحباط، مهما كان هنالك افتقاد للدفاعية, ثبت الأوقات، سوف أصلي الظهر الساعة كذا، لا مجال في ذلك أبداً للمساومة, سوف أزور صديقي فلاناً في الساعة كذا، وسوف أؤدي ذاك العمل في الوقت الفلاني، وهكذا.

إذن: هي إشارات ومحفزات داخلية يبنيها الإنسان في نفسه من خلال الانضباط, وهذا هو المنهج العلاجي الذي أرجو أن تنتهجه، أضف إلى ذلك أن ممارسة الرياضة مهمة جداً، تحقير الفكر الوسواسي والقلقي أيضاً مطلوب، والتفكير الإيجابي، وأنت لك أشياء إيجابية طبية وجميلة جداً في حياتك.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أرجع مرة أخرى وأقول أن فعالية البروزاك مشهود بها، ويتميز هذا الدواء بأنه لا يفقد هذه الفعالية بمرور الأيام، وهنالك ظاهرة تسمى (بالإطاقة) لا تحدث للبروزاك, فأنا أريدك أن تستمر عليه، لكن لا مانع من أن ترفع الجرعة كبسولتين في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، بعدها ارجع إلى كبسولة واحدة في اليوم واستمر عليها لمدة سنة أو ستنين أو ثلاث، لا بأس في ذلك أبداً.

وحتى ندعم فعالية البروزاك في هذه المرحلة بجانب زيادة جرعته أرجو أن تضيف له عقاراً يعرف باسم (فلوناكسول Flunaxol) واسمه العلمي هو (فلوبنتكسول Flupenthixol) والجرعة المطلوبة هي صغيرة جداً، أنت تتناول نصف مليجرام من هذا الدواء بمعدل حبة صباحاً ومساء لمدة شهر, اجعلها حبة واحدة في الصباح لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا هو الذي أراه، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به، وأنت -إن شاء الله- بخير، وسوف تظل على خير، فكر إيجابياً، واتخذ الإجراءات العملية التي من خلالها تتبدل مشاعرك لتصبح إيجابية، وبارك الله فيك وجزاك الله خيراً.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً