الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صحتي ساءت وتغيرت 180 درجة والسبب مجهول

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بدايةً أشكر القائمين على الموقع.

باختصار كنت طبيعياً إلى شهر 4 الماضي.

معروفٌ عني -والحمد لله- ذكائي الشديد وتفوقي وتركيزي العالي، حتى إني كنت أحل بعض المسائل الرياضية في خمس دقائق مثلا إن كان غيري يحلها في 15 دقيقةً، والحمد لله غالباً ما يكون ترتيبي الأول.

أمارس كرة القدم كثيراً، وبدأت ألعب جيم، وعملت فورمة كويسةً جداً في 5 شهورٍ والحمد لله، كانت حياتي من نجاح لآخر حتى جاء اليوم، أصبت ببرد عادي، فأخذت راحةً من الجيم لبضعة أيام، ولكني تعجلت وذهبت للتمرين ولم يتم شفائي، فتعبت أثناء التمرين وعدت للمنزل ونمت، ولما استيقظت اضطررت لظروفٍ خارجة أن أقف في الشمس الشديدة حوالي 4 ساعات، ورجعت للبيت ومن يومها تغير كل شيء، لا تركيز ولا استيعاب، ولا قدرة حتى على التفكير بسرعة، إذا مارست أي نشاطٍ عضلي أصاب بدوخة وأظل أياماً متواصلةً أشعر بأن تركيزي =0(صفر).

أشعر دائماً أني على وشك أن يغمى علي، أجاهد نفسي لكي أبدو طبيعياً مع نوبات من الدوخة وانسداد متكررٍ للأنف، وأشعر أني نصف واعي، وعندما أستيقظ أشعر بأن عيني بها ماء، وصرت لا أستطيع أن أمارس أي رياضة، لا كرةً ولا جيم ولا حتى جري، أرى ما بنيته ينهار أمام عيني.

لا أستطيع المذاكرة نهائياً إلا قليلاً جداً مما دمر مستواي، ولمدة 8 شهور لم أكن طبيعياً أبداً، أشعر كأن دماغي متوقف عن العمل، وأنسى سريعاً، وصرت ضعيفا في الحفظ والفهم، مع أني كنت -ولله الحمد- متفوق.

ذهبت لـــ 3 أطباء أنف وأذن وحنجرة، قالوا لي: إن انسداد الأنف حساسيةٌ خفيفةٌ لا ارتباط لها بما أعاني، وأعطوني أدويةً لم تأت بنتيجة، ذهبت إلى المستشفى وعملت أشعةً مقطعيةً على الجيوب الأنفية، قال الطبيب: إنها سليمة.

ذهبت لــ 2 أطباء باطنيةٍ، أجريت تحاليل وصورة للدم والدهون، وتحاليل البراز والبول والغدة الدرقية، قالوا: بأني سليمٌ، وقد يكون عاملاً نفسياً.

ذهبت إلى دكتور المخ والأعصاب والأمراض النفسية، وقال: بأني محبطٌ قليلاً، وأعطاني سيبرلكس، لكن لا نتيجة.

ذهبت إلى مستشفى الأمراض النفسية، فاحتار الأطباء معي وقالوا: إن الموضوع ليس نفسيا.

ذهبت إلى شيخٍ راقٍ، يعالج الحسد والسحر والمس وقال لي: سليمٌ.

ذهبت إلى دكتور العيون وقال لي: سليمٌ، وخلال 8 شهورٍ أخذت ما يقارب 40 نوعاً من الأدوية.

والنتيجة تدمرت حياتي كلياً، ولولا فضل الله عليّ لانهرت شخصياً.

اقتربت امتحاناتي بالجامعة، وأنا لا أستطيع أن أفعل أي شيءٍ.

أرجو منكم أن تساعدوني بأي طريقةٍ، فقد طرقت كل الأبواب، وفعلت كل ما أستطيعه بلا جدوى؛ وصارت الحياة جحيماً كبيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يارب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.
كما تفضلت وذكرت، فإنك إنسانٌ بفضل الله تعالى تحمل مقدراتٍ كبيرة جداً، وتحس الآن بالحسرة لما انتابك من أعراضٍ لم يصل الأطباء إلى نتائج طبيعيةٍ حول حالتك.

الذي ألاحظه أن درجة الحسرة والامتعاض والحيرة والشعور بالكدر لديك عاليةٌ جداً؛ ولذا أرى أنه مهما كانت المسببات أو طبيعة الحالة التي أصابتك من البداية، إلا أنه الآن يوجد مكونٌ نفسيٌ حقيقيٌ، هذا المكون النفسي ربما يكون نتاجا لعدم الوصول لحالتك كما تفضلت وذكرت، أو ربما يكون أصلاً حالتك المكون النفسي فيه قويةٌ جداً، حتى موضوع الدوخة وضعف الاستيعاب والتركيز كل هذا قد يفسر نفسياً.

أخي الكريم: أرى أن تجعل الآن كل توجهك هو أن تستفيد من الطب النفسي لأقصى درجةٍ، وهذا يتم عن طريق التواصل مع الطبيب النفسي، أنت قطعاً محتاجٌ لأدويةٍ مضادةٍ للاكتئاب، حتى وإن كنت لم تستفد من السبرلكس، وهذا ليس نهاية المطاف أبداً، المتابعة اللصيقة مع الطبيب النفسي ذات فائدةٍ وعائدٍ كبيرٍ جداً، كلنا نتابع مرضانا، نشخص بعضهم من الجلسة الأولى، وبعضهم من الجلسة الثانية، وبعضهم قد لا نصل معهم إلى أية نتيجةٍ لمدة أسابيع أو شهورٍ، ولكن من خلال الصبر والجلد والثقة، وبناء علاقةٍ علاجيةٍ حقيقيةٍ مع مرضانا -الحمد لله تعالى- تفرج الأمور تماماً وتزول الكرب، وتجد أن المريض في نهاية الأمر قد ذهبت علله وانشرح صدره وتجده حامداً وشاكراً لله تعالى.

أخي الكريم، فشل علاجٍ واحدٍ؛ هذا ليس نهاية المطاف في الطب النفسي، وأنصحك نصيحةً حقيقيةً قائمةً على أسسٍ علميةٍ صحيحةٍ، ومن تجربتي المتواضعة هذا هو المخرج، اذهب إلى الطبيب النفسي، المكون الاكتئابي لديك واضحٌ جداً، أنت تحتاج لعلاجاتٍ سلوكيةٍ، وكذلك تحتاج لعلاجاتٍ دوائيةٍ، وأعتقد أن ذلك سوف يحسم الأمر تاماً.

نصيحةً أخرى هامةً وذات قيمة وهي، أنه مهما كانت أعراضك فيجب أن يكون لك القوة وتكون لديك الدافعية الحقيقية، بأن لا تصرف انتباهك هذه الأعراض من أن تعيش حياةً فعالةً، والفعالية هنا يجب أن يكون على رأسها اهتمامك بدراستك، لأن الكسب المعرفي والتميز هو نفسه علاجٌ تأهيليٌ مهمٌ جداً للإنسان، وأنت حين يكون لديك هذه القوة وهذه الشكيمة والإصرار القوي على أن تجتاز صعوباتك هذا في حد ذاته يمثل علاجاً.

أيها الفاضل الكريم، أمرٌ مهمٌ جداً احرص أن تكون باراً بوالديك، هذا - إن شاء الله تعالى - يكون مفتاحاً وسبباً في ذهاب ما بك من ألمٍ وكربٍ، ولك ثواب الآخرة - إن شاء الله تعالى - ومنافع الدنيا كما ذكرنا، أرجو أن تذهب إلى الطبيب النفسي وتواصل معه.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً