الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أبي كريم على إخواني بخيل علي رغم طاعتي له!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشكلتي هي أن أبي بخيل جدًا وظالم وخصوصًا علي، عكس أخي الكبير الذي يشفقون عليه أبي وأمي ويحبونه، وطلباته أوامر، وكل شيء يريده يصله، وإذا ظهر جوال جديد اشتراه.

وآخر مرة اشترى واحداً ب3000 تقريبًا، بينما مضى علي 4 أشهر وأنا أطلب من أبي 300 ريال، وهو يشتري الجوال بغمضة عين، لدرجة أني تمنيت أن أمسكه وأفضحه أمام نفسه، وحتى أختي الثانية يهتم بها، ولكن ليس كأخي، ولكن حالتها أحسن مني بكثير.

منذ شهر تقريبًا بدأت أحس بأن بخله يزيد لدرجة أني أطلب منه النقود فيعطيني 20 ريالاً، مقارنة بأختي التي أعطاها 500 ريال حتى تحضر مدرسة، وأنا بحاجة للمدرسة أكثر منها، لأن مستواي الدراسي ضعيف، وهي ممتازة، ورغم هذا أنا لا أكرهه أبدًا وأحترمه، وأسلم عليه، وأقبل رأسه، ولكن للأسف هو غير حنون أبدًا، ولا أدري لماذا يعاملني هكذا؟!

وعلى الرغم من أن أبي إذا أراد شيئًا فهو لا يطلبه إلا مني، لأني مطيعة، وألبي أوامره بسرعة بعكس إخوتي الذين يماطلون، وفي مرة طلبت منه طلبًا، وصرخ علي، فخفت وصعدت إلى أعلى، ولكنه بعد ذلك صعد لي وجعل ينظر إلي، ثم أعطاني نقودًا، لم أصدق نفسي، وكدت أبكي من الفرح، ولكنه أعطى النقود لأمي خشية أن أضيعها، ولم يكن المبلغ سوى 30 ريالًا على الرغم أن أبي ميسور الحال.

وعندما أذهب لزيارة بنات خالاتي وأخوالي أحزن وأموت من شدة القهر لما أراه من ترف باد عليهن، بينما أنا أستعير الملابس من أختي، فلو أنها يومًا غضبت مني، فإنها تهددني بأن تأخذ مني البلوزة التي استعرتها منها، وكل ملابسي للأسف تقليد.

في البداية لم أكن أهتم لذلك، فقد كنت جريئة، ودمي خفيف، ولكن بعد بلوغي بدأت أهتم، وأشعر بالحرج، وأصبحت خجولة، وقطعت علاقتي مع الناس، وأصبحت أحب العزلة، وأبكي بشدة لمجرد أن يصرخ أحد علي.

أريد أن أشتكي على أبي عند حقوق الإنسان كي آخذ حقوقي المدفونة، ولكن كيف؟

وشكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريناد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على كل أمرٍ يُرضيه، وقد سعدنا لحسن العرض لهذه الاستشارة، ونحب أن نؤكد لك أن الوالد يظل والدًا، ونحن سعداء لأنك تحترمينه وتُطيعينه، وهذا ما ستؤجرين عليه عند الله تبارك وتعالى، ونحب أن نؤكد لك أن الأموال تذهب وتجيء، ورغم تقديرنا لمرارة ما يحصل ولعدم رضانا على بخله عليك، إلا أننا نريد أن تكوني أكبر من أن تفكري في مجرد التفكير في أن تشتكي الوالد وتغضبي عليه.

ونحاول معك أن نعرف الأسباب التي تجعل الوالد يتصرف معك بهذه الطريقة، ولعلنا لاحظنا أن الوالد قال بأنه يخشى أن تضيعي الأموال، فهل ضيعت الأموال قبل هذا؟ هل لأنك صغيرة؟ هل لأنه يشعر أنك لست بحاجة للأموال؟ هل وهل وهل؟

لا بد أن نعرف جميعًا السبب، فإنه إذا عرف السبب بطل العجب وسهل علينا بحول الله وفضله ومَنِّه اصلاح الخلل والعطب.

نحن لا نستطيع أن ننظر لهذه الأمور بهذه الطريقة دون أن نسمع وجهة نظر الآخرين، الوالد أكيد يشعر أنه لا يعطيك مثل الأخت أو مثل الأخ، ولكن له عذر، على الأقل سواء وافقناه عليه أو لم نوافق عليه، ما هو السبب من وجهة نظرك؟

ثم إنا نريد أن نؤكد لك أنك تستطيعين أن تتواصلي مع الوالدة وتطالبي بثياب مثل أختك، ومن حقك أن يعدلوا معك، ولا يجوز لأي أب ولا لأي أم أن يفرق بين أبنائه مهما كانوا، حتى ولو كان منهم نجيبًا والآخر متأخرًا دراسيًا، لأنهم يستحقون هذا العدل لكونهم أبناء، بصرف النظر عن أي أمر آخر، وما يحصل من الوالد غير صحيح إذا لم تكن له أسباب واضحة.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يعين الوالد، وأن يعينك على تفهم وتحمل هذا الوضع، ولكن لا نريد أن تفكري فقط مجرد التفكير في أن تشتكي الوالد أو تفضحيه، واعلمي أن أموال الوالد في النهاية لأبنائه وبناته، لهم يجمع، وسيترك هذه الأموال، ولكننا نريد أن تطمئني وأن تسعدي، وأن تُحسني التعامل مع كل أفراد الأسرة، وأن تحاولي وتتواصلي معنا إذا عرفت أسباب هذا الفعل الذي يحدث.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، ونكرر ترحيبنا بك في الموقع.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً