الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أوسوس بأني غير مؤمن، كيف أتخلص من هذا الوسواس، وأطرد الشيطان؟

السؤال

السلام عليكم

أحاول دائمًا أن أحافظ على الصلوات في أوقاتها، وعلى قراءة القرآن، ولكن أعاني دائمًا من وجود وسواس بداخلي، أوسوس بأني غير مؤمن، وأني سأدخل النار! وأنا خائف أن أكون فعلًا غير مؤمن.

أقوم الليل، وأدعو الله أن يُبعِد عني الشيطان، وأحيانًا يأتي إليّ هذا الوسواس، ويخبرني بأني منافق، ولكني أحسّ براحة كلما تقرّبت من الله، وأفكّر في أشياء، وأدعو الله بها، وتتحقّق.

كيف أعرف أني مؤمن؟ وكيف أزيد من إيماني، وأُبعِد الشيطان عني؛ لأني خائف فعلًا؟

شكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mido حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى- أن يثبّتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يزيدك صلاحًا وتقىً وهدىً واستقامة، وأن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن، إنه جواد كريم.

بخصوص ما ورد في رسالتك -أخي الكريم الفاضل-: أحب أن أبيِّن لك أن الشيطان –لعنه الله– يغيظه ويؤلمه جدًّا أن يكون العبد صالحًا مستقيمًا على منهج الله –تعالى- وملتزمًا بشرع الله –سبحانه-؛ ولذلك يحاول أن يُفسد عليه هذه النعمة التي أكرمه الله -تبارك وتعالى- بها، وعادة ما يستعمل الشيطان وسيلة من وسيلتين أو يستعمل الوسيلتين معًا في صرف الإنسان عن طاعة الله –تعالى-:

الوسيلة الأولى: حرب تُسمى بحرب الشهوات، وهو أن يُزيِّن له المعاصي والمنكرات الظاهرة، كالكذب والغش والخداع، والتعالي والكِبر والغرور، والنظر المحرم، وفعل الفواحش والمنكرات، وأكل الأموال المحرمة.

إذا لم يتمكّن من ذلك، وكان الإنسان واعيًا منتبهًا وحريصًا على طاعة الله بعيدًا عن معصية الله، فإنه ينتقل إلى وسيلة الحرب الثانية.

الوسيلة الثانية: وهي الحرب القذرة، والتي تُعرف بحرب الشبهات، وحرب الشبهات تكون على القلب؛ ولذلك الذي تعاني منه –أخِي الكريم– إنما هو نوع من حرب الشبهات على قلبك، عندما لم يستطع أن يمنعك من إقامة الصلوات وقراءة القرآن بدأ يعمل على قلبك ليُشعرك بهذه الأمور التي تُعكِّر صفوك، والتي تُكدِّر خاطرك، والتي تجعلك في نوعٍ من الوسوسة والذبذبة وعدم الاستقرار، وعدم الأنس بالله العزيز الغفار.

علاج هذه الأشياء كلها إنما يكون بإهمالها تمامًا، وعدم الالتفات لها، فإذا ما جاءتك هذه الأفكار، فحاول أن تستعيذ بالله –تعالى-، وأن تَتْفُل على يسارك ثلاث مرات، وأن تَتْفُل على الأرض، وأن تحاول أن تمسح تفلتك بنعلك أو بقدمك، كأنك تقول: إنها فكرة حقيرة تافهة، وأنت أيها الشيطان اللعين أتفه من هذه البصقة التي بصقتها على الأرض.

حاول أن تُكثر من الطاعة، وأن تجتهد في العبادة أكثر وأكثر، حتى تغيظه أكثر وأكثر، من باب قول الله –تعالى-: {قل موتوا بغيظكم}.

عليك أيضًا –بارك الله فيك– بالإكثار من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم؛ لأن الله -تبارك وتعالى- هو وحده القادر على أن يصرف عنك كيد الشيطان، واعلم أن هذه الوساوس التي جاءتك، قد جاءت لمن هم أفضل مني ومنك، وهم الصحابة –رضي الله تعالى عنهم–، ولكن لم تؤثر فيهم؛ لأنهم عَلِمُوا أن هذه حربٌ قذرة يشُنُّها الشيطان على قلوبهم، فلم يتوقفوا عن طاعة ربهم، بل فعلوا كما فعلت أنت؛ زيادة في قيام الليل وصيام الاثنين والخميس وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، والإكثار من الأذكار في الفراغات الموجودة.

عليك بالمحافظة على الصلوات في أوقاتها -كما تفعل-، وعليك –بارك الله فيك– بالمحافظة على أذكار ما بعد الصلوات، وعليك بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء بانتظام، واجتهد أن تكون على طهارة دائمًا، وحاول أن تملأ فراغاتك بالاستغفار والأذكار والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأهمّ شيء أريد أن أنبهك إليه، هو احتقار هذه الأفكار وعدم الانشغال بها، كلما شعرت أنها ستبدأ تسيطر على ذاكرتك حاول أن تُشتتها بأي وسيلة من الوسائل، واعلم أن هذا شيء طبيعي يحدث للعبد كلما زاد إيمانًا وتُقىً وصلاحًا.

أوصيك بالإكثار من الاستعاذة؛ لأنك عندما تلجأ إلى الله، فهو الواحد الوحيد القادر -جل جلاله- على أن يرد عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأبشِر بكل خير، وأسأل الله لنا ولك الثبات والمزيد من الطاعة والاستقامة، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً