الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي يدخل مواقع النت السيئة.. ماذا أفعل معه؟

السؤال

السلام عليكم.

البارحة عرفت أن زوجي داخل على موقع في النت يعرض فيه أجسام نساء شبه عاريات، وتكلمت معه في وقتها، وقال لي: هذا الشيء عادي، كل الناس تشاهد هذه المواقع، والشارع مليء من النساء المتبرجات، وتكلمت معه، وقلت له هذا الشي حرام، لا تجعل الشيطان يوسوس لك، لكن من دون جدوى، واتهمني وقال لي حرام عليك أن تفتشي في هاتفي، وأنا تكلمت معكم قبل الآن في موضوع الشبكة، وقلت لكم إن أم زوجي وابنها يريدوها في البيت، وأنا قلت لهم لا أريدها بسبب الفتنة، لكنهم لم يسمعوا كلامي وأدخلوها في البيت، وحصل هذا الشيء الذي قلت لكم عليه في بداية الرسالة.

أنا الآن حالتي النفسية مكتئبة، ماذا أفعل مع زوجي؟ وكيف أتصرف معه؟ فقد تغير تفكيري عنه، وقررت الذهاب لبيت أهلي بضعة أيام لكي أهدأ، ماذا أفعل معه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ leanahmad حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هنالك دوافع ونوازع نفسية تدفع بالإنسان للوقوع في المعاصي، فإن لم يكن هذا الإنسان محصنا بالإيمان، فإنه سرعان ما يقع فيها.

الشيطان يوسوس بخواطره على الإنسان ويزين له فعل المعصية، فإن وافق نفسا ضعيفة وإرادة منهزمة انساق وراء تلك الوساوس فيقع فيما يسخط الله.

لا ينبغي أن نتعامل مع البشر على أنهم ملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، بل نتعامل معهم على طبيعتهم البشرية ولذلك فإن النفور من المذنب والابتعاد عنه ليس حلا، بل قد يؤدي إلى تماديه بالباطل، وإنما الحل في الاقتراب منه، ومعالجة الأسباب التي جعلته يقع في ذلك الذنب.

لا بد أن تتعرفي على الأسباب التي جعلته يقع في هذه المخالفة، والتي من أهمها: ضعف إيمانه، فاجتهدي في تقوية هذا الجانب من خلال المحافظة على أدائه للصلاة، وتلاوة القرآن الكريم، وصيام بعض النوافل.

انظري في حالك منه، وهل أنت قائمة بحقوقه كما ينبغي؟ ومن ذلك التجمل له وإشباع عواطفه، فإن بعض الأزواج إذا افتقدوا من زوجاتهم بعض الأمور بالحلال ذهبوا لتسولها في الحرام سواء من النساء، أو عبر بعض المواقع.

اجلسي مع زوجك جلسة ودية، واطلبي منه أن يقيم علاقتك معه، وعديه أنك ستتقبلين منه كل نقد، وأنك ستسعين لتعديل نفسك إن رأيت نقصا وقصورا؛ فلعله يفاتحك ببعض ما ينقصه، فإن قمت به سددت عليه باب النظر إلى أجساد النساء.

اقتربي منه أكثر، وابتدئيه بالكلام العاطفي، وأشبعي رغبته الجنسية، وتزيني له وكوني دائما بأبهى حلة، وأحسني من استقباله وتوديعه، وهيئي له أسباب الراحة تكسبي قلبه وحبه.

ذكري زوجك أن مشاهدة الناس لتلك الصور لا يعني أنه يقلدهم، ولا ينبغي أن يكون إمعة يفعل ما يفعله الناس، وليوطن نفسه على أن يحسن إن أحسن الناس، وألا يسيء إن أساء الناس، وكون النساء في الشوارع متبرجات لا يعني إطلاق العنان للنظر، بل يجب على المؤمن أن يغض بصره كما قال تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن الأولى لك والثانية عليك).

لا ينبغي أن تفتشي هاتف زوجك؛ فإن ذلك مدخل من مداخل الشيطان لإفساد حياتكما، فتعاملي معه بثقة تامة ولك الظاهر، والله يتولى السرائر.

لا تجعلي هذه الحادثة سبباً للشك في كل تصرفات زوجك، ولا تذهبي إلى أبعد من ذلك، بل عالجي هذه القضية فحسب، وليكن بالرفق واللين والحكمة، فما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه.

لا تتحدثي لأحد بما فعل زوجك؛ فذلك أدعى لقبول نصحك وبقاء مكانتك في قلبه.

الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فذلك من أسباب تفريج الهموم كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر ذنبك).

تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وسليه أن يصلح زوجك وأن يلهمه رشده، فقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وأكثري من دعاء ذي النون، فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).

اجتهدي في تقوية إيمانك من خلال الإكثار من العمل الصالح؛ توهب لك الحياة الطيبة السعيدة، فذلك وعد الله حيث قال: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يصلح زوجك ويلهمه رشده، وأن يقر عينك بصلاحه، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة