الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبحت أرى أن الموت قريبا مني بعد وفاة صديقي فجأة، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب بعمر 30 سنة، قبل سنتين من الآن وقعت معي أحداث جعلتني لا أثق في الحياة، وأصبحت أرى الموت قريبا مني، وبدأ هذا عندما رأيت موت أحد أصدقائي بسبب نوبة قلبية، رغم أنه كان سليماً، وبعدها بشهر تقريبا وقعت معي ما يشبه نوبة، فتسارعت دقات قلبي حتى كاد أن يغمى علي، نقلت على إثرها إلى المستشفى، وكنت أقول في الطريق أنه الموت لا محالة، ومنذ ذلك الحين تنتابني نوبات فزع فظيعة من حين لآخر.

ذهبت إلى طبيب القلب وطمأنني أن المشكل ليس مرضا، إنما توتر عصبي ليس إلا، بعدها ذهبت إلى طبيب عام ووصف لي دواء FLUOXETINE 20 ملغ، استعملته لمدة أكثر من 6 أشهر، وكانت النتائج مبهرة، حيث تخلصت من المشكل بشكل شبه نهائي، وكان لطاعة الله، وصلاة الفجر في المسجد، والصوم الأثر الكبير في الشفاء بفضل الله تعالى.

بعد مرور سنة من قطع العلاج عادت إلي الآن بعض الوساوس، والسبب أنه قبل الآن بحوالي شهر تقريبا حلمت بركوبي للطائرة وانقلبت، لم أعرها اهتماما طبعا، وجاءتني هذه الأيام دعوة من إحدى الشركات في الخليج للذهاب، وهذا ما جعلني أتذكر حلم الطائرة، وزاد من توتري أن ابنتي ذات 3 سنوات قالت لي أنني سأموت إثر حريق، طبعا هذا سخيف، لكنه زاد من توتري، والذي زادني أكثر هو أن أهلي أيضا -لأنهم سمعوا قول ابنتي- شاهدت فيهم ملامح التوتر.

طبعاً الخوف ليس من ركوب الطائرة بالضبط؛ لأني سافرت فيها قبل الآن مرتين وانتابني بعض الخوف، لكن ما أن حلقت الطائرة حتى تعودت على الأمر، إنما الخوف الذي ينتابني الآن هو من تحطم الطائرة والموت، خصوصا أنني لم أعد في الآونة الأخيرة ملتزما بالصلوات في المسجد، ولا أستفيق للفجر منذ شهر تقريبا في وقته، مما جعلني أخاف من عذاب الله في حالة الموت.

أعلم أنه في حالة عودتي إلى صلاة الفجر والطاعات بالتزام سأكون أكثر ارتياحا، لكن هذا يجعلني أفكر أنني أفعل ذلك فقط عندما تواجهني مصاعب دنيوية، مما يجعلني منافقا -والعياذ بالله، كما أن السفر بعد 3 أيام من اليوم.

أعتذر بشدة للإطالة في السؤال، لكن كلما قرأت من عباراتكم بشأن أناس آخرين حول الموضوع أرتاح، وأريد أن يكون الكلام علي لأرتاح أكثر، وشكرا لكم على كل ما تقدمونه.

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ما حصل معك هو نوبة فزع أو هلع ومخاوف وسواسية من الموت أو رهاب الموت، والحمد لله أنك استفدت من دواء الـ (فلوكستين)، وغالبًا هذه الأشياء أحيانًا ترجع حتى بعد تم التخلص منها، لأن الشخص قد تحصل انتكاسات أحيانًا في حالة حصول أحداث حياتية معينة، وأحيانًا تحدث بدون أسباب واضحة ومعروفة.

الآن: طبعًا المشكلة الرئيسية التي تواجهها هي رهاب ركوب الطائرة، ولكن أيضًا مصحوبة برهاب الموت، وطبعًا طفلتك الصغيرة ألقت الكلام دون أن تفكّر فيه، ولكنك أنت الذي كبَّرت كلامها وأصبح شغلك الشاغل، لأنك عندك رهاب الموت، وربطته طبعًا رهاب ركوب الطائرة يا أخي الكريم.

طبعًا الله سبحانه وتعالى يقبل التوبة والإنابة في أي وقت، وكونك الآن خفت ورجعت إلى الالتزام بالصلاة في مواعيدها خاصة صلاة الفجر، فهذا شيء حميد، وعادةً كثيرًا من الناس - ولست أنت وحدك - أنهم يلجؤون إلى الله وقت الشدائد، يلتزمون الصلاة ويحافظون عليها ويدعون الله تعالى، والله تعالى غفور رحيم ويتقبل العبد في أي وقت.

كما أنه لا بأس من الرجوع مرة أخرى للفلوكستين طالما تحسَّنت عليه حتى تزول هذه الأعراض مرة أخرى، وإن كان هناك إمكانية للتواصل أيضًا مع معالج نفسي، لأن الجمع بين العلاج النفسي والعلاج الدوائي مفيد، ويجعل حدوث انتكاسات أو ظهور الأعراض بعد التوقف من الدواء أقلَّ، فلذلك إذا استطعت أن تتواصل مع معالج اجتماعي لعمل جلسات علاج سلوكي معرفي مع تناول البروزاك، فيكون هذا أفضل، حتى لا تعود هذه المخاوف الوسواسية أو نوبات الهلع مرة أخرى.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً