الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من هلع وضيق تنفس وحب العزلة.

السؤال

السلام عليكم.

سعيدة لأني تمكنت من الكتابة لكم.

أنا في معاناة منذ نحو 9 أشهر، حيث بدأت معاناتي بنوبة هلع تعرضت لها في منتصف الليل وأنا نائمة، ولأنها صادفت أزمة كورونا والحجر الصحي، فأنا لم أتلق العلاج المناسب، ودخلت في متاهات ظننت أني مصابة بالقولون لكثرة الغازات والإمساك، وآلام غريبة في البطن.

امتنعت عن الطعام، وصرت أخاف الأكل فخسرت 15 كلغ في شهرين، وبقيت أدور في دوامة اكتئاب وأرق وآلام ودوخة، وأنتظر الموت في كل لحظة.

الحمد لله، ابتعدت عن كل شيء إلا صلاتي، والقرآن، فواصلت حفظي للقرآن، وحافظت على صلاتي في وقتها، كما تعودت دائماً، ومع الدعاء قرأت أحد الاستفسارات في موقعكم، وكانت مثل حالتي، فعرفت أني أعاني من قلق المخاوف.

هذه مقدمة، والمشكل الذي أعاني منه الآن هو ضيق التنفس الدائم، حتى أصبحت أخاف أن أغادر البيت، حتى لا ينقطع نفسي وأنا مع الناس.

كما أني أعاني من تعب مزمن في الجيوب الأنفية، ساعدوني أرجوكم، علماً أني كشفت على قلبي، وكان سليماً، لكن لم أفحص صدري، فأنا أحس بضيق شديد، وصعوبة التنفس، وأعاني أيضاً من ارتجاع صامت، فلا أدري ما هو سبب ضيق التنفس الذي أصبح عقدة لي!

أشكركم، وآسفة على طول الشرح، لكن لشدة معاناتي. وتقبلوا فائق احترامي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

من الواضح أن ضيق التنفس هذا سببه القلق النفسي المصاحب لنوبات الهرع والفزع التي أصابتك؛ فالتوتر النفسي الداخلي يؤدي إلى توتر عضلي، والتوتر العضلي أكثر ما يُصيب عضلات القفص الصدري، لذا قد يحس الإنسان بثقل في الصدر أو نغزات في القفص الصدري أو ضيق أو ما يشبه الضيق في التنفس، وليس ضيقًا حقيقيًّا في التنفس.

في مثل حالتك هذه قام بعض الأطباء العلماء بقياس درجة الأكسجين لدى الكثير من الذين يعانون من حالتك هذه ووجدت سليمة تمامًا، كما أن وظائف الرئة سليمة تمامًا، هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: طبعًا سيكون من الحكمة والصواب أن تذهبي إلى طبيبة الأسرة، أو طبيبة الباطنية من أجل إجراء الفحوصات العامة؛ هذا سيُطمئنك كثيرًا جدًّا، الطبيبة ستقوم بفحصك وطلب بعض الفحوصات العامة لمعرفة مستوى الدم، ووظائف الكبد، ووظائف الكلى، ووظائف الغدة الدرقية، ومستوى الدهنيات، ومستوى فيتامين (د) ومستوى فيتامين (ب12).

هذه الفحوصات فحوصات أساسية يجب أن يلمّ بها الإنسان، وحين تعرفين أن كل الفحوصات سليمة هذا في حدِّ ذاته سيعطيك رسائل إيجابية جدًّا تبعث على الطمأنينة.

بعد ذلك يتمثل علاجك في تجاهل هذا الضيق في التنفس بقدر المستطاع، وتجاهل نوبات الخوف نفسها، وتكثيف ممارسة الرياضة، خاصة رياضة المشي، وكذلك تمارين الشهيق والزفير، وتمارين قبض العضلات وشدها ثم استرخائها، هذه تُسمَّى بتمارين الاسترخاء، وهي مفيدة جدًّا في مثل حالتك.

يا حبذا لو وجدت مَن يُدربك على هذه التمارين، وإن لم يوجد فعلى الإنترنت وعلى اليوتيوب توجد برامج كثيرة جدًّا تُوضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء، كما أن إسلام ويب أعدت استشارة رقمها (2136015) شرحنا فيها كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء.

أيتها الفاضلة الكريمة: أيضًا أنت محتاجة لأحد الأدوية البسيطة والسليمة، الدواء يُسمَّى (سبرالكس) هذا هو اسمه التجاري، ويسمَّى العلمي (استالوبرام)، هو أصلاً مضاد للاكتئاب، طبعًا أنت لست مكتئبة، لكن الدواء له ميزات كثيرة، أنه يعالج نوبات الهرع والهلع، ويُعالج المخاوف والوسوسة والقلق، وفوق ذلك هو سليم كما ذكرتُ لك، وغير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، وله أثر جانبي بسيط، أنه في بعض الناس ربما يزيد الشهية نحو الطعام خاصة السكريات، فإن حدث لك شيء من هذا طبعًا يجب أن تقومي بالتحوطات اللازمة حتى لا يزيد وزنك.

الجرعة في حالتك هي: أن تبدئي بنصف حبة (خمسة مليجرام) يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرين، ثم عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرين، ثم عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرين، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم تتوقفي عن تناول الدواء.

هذه هي الأسس الرئيسية لعلاج حالتك، وبصفة عامة: أريدك أن تكوني إيجابية في تفكيرك، وفي إدارة وقتك، وأنت الحمد لله تعالى محافظة على صلاتك وتلاوة القرآن والأذكار.

أسأل الله تعالى أن ينفعك بهذا كله، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً