الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اكتشفت أن الطب لا يناسبني وأهلي يرفضون التحويل لغيره!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالبة في الفرقة الثانية في الطب البيطري، لطالما كنت فتاة متفوقة، ولم يكن لدي هدف محدد في الثانوية، وعندما حصلت على مجموع بيطري دخلتها تحقيقًا لرغبة أهلي وحبًا للحيوانات، ولكن الصدمة كانت عندما فوجئت بصعوبة المواد، وعدم قدرة الدكاترة على توصيل المعلومات، والضغط النفسي، ومشوار الكلية الذي أرهقني جسدياً ونفسيًا، وأن مهنة الطب لا تناسبني حتى أنني نزلت عيادة للتدريب، ولكن وجدت الأمر مرهقًا، وأن لدي فوبيا من الدماء، حاولت إقناع عائلتي بالتحويل لكلية أسهل تناسبني، ولكنهم رفضوا بحجة أني قد أندم، وكيف أترك لقب طبيبة..إلخ.

تقديري في أول عام كان مقبولاً، ثم بدأ العذاب في عامي الثاني، حيث أُعتقل والدي سياسيًا، وبعدها بشهر توفت والدتي، ولم يكن مضى على وفاة أختي الصغرى ستة أشهر، رسبت ورفضت إعادة الامتحانات، ثم ها أنا أعيد السنة، ولم أدخل اختبارين أيضاً هذا العام، وإن لم أدخل سيتم فصلي، وتحويلي لكلية أقل لاستنزافي سنوات الرسوب.

لا أحد في المنزل يعلم بهذا، حاولت المذاكرة، ولكن الأمور صعبة جدًا، حاولت إقناعهم في المنزل بالتحويل، ولكنهم رفضوا بحجة أني قدوة إخواني الصغار، وأبي سيحزن في معتقله، وهذه لم تكن رغبة والدتك، وأشعر بضغط نفسي رهيب لدرجة أن فكرة الانتحار لا تفارق يومي، وخائفة من أن تتمكن مني يومًا، فأنا لا أريد تخييب أملهم، وفي نفس الوقت لا أقدر نفسيًا على كل هذه الأمور.

أشعر بأني فاشلة ومتأخرة عن كل أقراني وانتكست في ديني، وليس لدي شخص بالغ يفهمني، ولم أعد أعرف حلمي، أو ماذا أريد ما العمل الآن؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خلود حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونسأل الله أن يرحم أمواتنا وأموات المسلمين، وأن يفرج عن الوالد، وعن كل المستضعفين، وأن يعينك على النجاح والفلاح هو ولي ذلك والقادر عليه.

بداية: نؤكد لك أن من استطاعت أن تصل إلى الطب البيطري تستطيع بحول الله وقوته أن تكمل، والأمور دائماً في بدايتها صعبة، ولكن بالإصرار بعد التوكل على الله تبارك وتعالى والاستعانة به وتنظيم الوقت وبذل المجهود تسهل الأمور، والأمر بيد الله؛ لذلك أرجو أن تتوجهي إلى الله، وأن تستقبلي الحياة بأمل جديد وبثقة في ربنا المجيد سبحانه وتعالى، واعلمي أن أفضل ما تقدمينه للأسرة هو أن تعودي إلى نفسك، انتظمي في صلاتك، ورتبي جدولاً للمذاكرة، لا يمكن أن توجد مادة تقف في طريق أمثالك من الناجحات، إذا أقبلت على الدراسة بتنظيم وترتيب لأوقاتك، وبذل المجهود، ومن الذي استطاع أن يصعد سلم المعالي دون أن يتعب، الحياة هذه ليس فيها شيء سهل لمن يريد الصعود، لمن يريد أن يتقدم، فالمسألة تحتاج إلى تضحيات.

ولذلك لا تيأسي، ولا تحاولي أن تنزلي عن هذا المستوى الذي أنت له أهل، ونحن نعتقد أن البدايات الصعبة قد انتهت، لكن رجوعك إلى الوراء، تفكيرك فيما حدث، إدخال الأزمات الاجتماعية في مسيرك إلى المستقبل هذا كله يشوش على الإنسان، ولذلك نتمنى بعد وصول هذه الإجابة أن تفتحي صفحة جديدة، عامرة بالسجود لله، تكثري فيها من اللجوء إلى الله والتوجه إليه بالدعاء، والاستغفار، وكثرة الصلاة على النبي -صلي الله عليه وسلم-، ثم أقبلي على دراستك، ونظمي وقتك، وتواصلي مع المعلمين والمعلمات حتى يعاونوك، واجعلي همك أن تنجحي، واطردي الأفكار السالبة.

واعلمي أن رغبة الأسرة في أن تنجحي هذا ينبغي أن يكون عاملاً إيجابيًا، ونسأل الله أن يعينك على الخير، صادقي الصالحات الجادات الحريصات، واقتربي من المعلمين والمعلمات؛ فهم أحرص الناس على أبنائهم وطلابهم، وفي التواصل معهم والقرب من المعلمات عون على النجاح، والموفق هو الكريم الفتاح سبحانه وتعالى.

نسأل الله أن يرحم أمواتنا وأمواتكم، وأن يحقق لك في هذه الدنيا ما تريدين في طاعته، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً