الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم أعد أعرف نفسي ولا كيف أتصرف، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب، أبلغ من العمر 20 سنة، أعاني من بعض المشاكل التي أتعبتني وأرهقتني كثيرًا، سوف أشرحها لكم، وأتمنى أن تساعدوني ولكم جزيل الشكر.

أولاً: مشكلة السرحان وتشتت الذهن:
طوال اليوم، وأنا سرحان في التفكير في اللاشيء، وهذا الشيء يزعجني كثيرًا، ويزعج من حولي مثل أصدقائي وأهلي، لم أعد أشعر وأتفاعل بما يدور من حولي حتى أني في بعض الأحيان أسرح وأشرد وشخص ما يتحدث معي.

ثانيًا: أغلب أفعالي وكلامي دون وعي مني:
أقوم بعمل الأشياء وكأني رجل آلي، وأتحدث دون إدراك مني بمعنى كلامي، والناس تفسر تصرفاتي وكلامي بشكل خاطئ.

ثالثًا: فقدت المتعة في الحياة، ولم أعد أستمتع بلحظة، لم أعد ذلك الشخص المرح، أصبحت طوال الوقت متوترًا وكثير السرحان، ومتشتت الذهن، وكأن شيئًا بداخلي انطفأ، وبسبب ذلك لم يعد أحد يحبني، ولا يريد صحبتي.

رابعًا: لا أفهم كلام الناس، ولا مقصدهم؛ لأني غير مهتم، ولا أتفاعل مع محيطي، وعندما يتحدث معي شخص أريده أن ينهي حديثه بسرعة؛ لأني لا أكترث.

خامسًا: أنا شخص طيب جدًا، وعفوي، وأظن أن الناس جميعهم مثلي، لكن للأسف الواقع يثبت لي العكس تمامًا عندما أتحدث بشكل عفوي فالناس تفسر كلامي بطريقة خاطئة.

سادسًا: لم أعد أعرف كيف أعبر عن مشاعري، ولا أقدر ذاتي ونفسي كشخص.

سابعًا: لم أعد أعرف ما الذي يجب عليّ فعله وكيف أتصرف؟ ولا أقدر على ترتيب أفكاري بسبب تشوش وتشتت ذهني، وفي بعض الأحيان أتصرف بشكل فظ، أو أتصرف بغباء، ولا أدرك ذلك إلا لاحقًا، وأنزعج من تصرفي بتلك الطريقة.

لم أعد أنا الذي أعرف نفسي به.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أخي الفاضل- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك سؤالك هذا المفصّل.

أولاً: اسمح لي -أخي الفاضل- أن أقول أنك عبرت عمَّا في نفسك بشكل جيد، ومرتّبٍ أيضًا؛ حيث وزّعت ما تشعر به على سبع نقاطٍ بشكلٍ واضحٍ وبشكل منظّم، فهذا يدلُّ على عكس ما تقوله من أنك لا تُجيد التعبير عن مشاعرك، فقد عبّرت بشكل واضح، وشكرًا لك على هذا السؤال المنظم.

أخي الفاضل: سأجيبك من زاويتين:
الأولى: أن الخمس نقاط الأولى التي ذكرتها - أو الستة - ربما تُشير إلى حالةٍ من الاكتئاب النفسي؛ والذي يمكن أن يُفسّر كل هذا الذي ورد في سؤالك، من كثرة السرحان، وأنك تشعر وكأنك تتصرف بشكل آلي، وفقدان المتعة في الحياة، والصعوبة في التفاهم مع الآخرين، وأنك تشعر أنك تجد صعوبة في التعبير عن مشاعرك، كل هذا يمكن أن يُشير إلى حالة من الاكتئاب النفسي، بسبب ظروفٍ تعيشها في بلدك.

وهذا الجانب ربما يحتاج أن تأخذ موعدًا مع الطبيب النفسي، في العيادة النفسية، ليتأكد من وجود أو عدم وجود للاكتئاب النفسي، وإن وجد فهناك عدة طرق للعلاج، سواء العلاج الدوائي أو العلاج النفسي عن طريق الكلام في جلسات متخصصة.

الأمر الثاني هو: كثرة الشرود الذهني والسرحان، فهذا نعم يُفيد أن نُعالجه؛ لأنه يمكن أن يُؤثّر على أداء الإنسان، وأيضًا يمكن أن يُفسّر بعض الأعراض التي وردت في سؤالك، وأسبابه كثيرة، كالخوف من المستقبل، والتفكير الزائد عند بعض الناس، أو وجود أزمات وصعوبات في الحياة - سواء أسرية أو خارج الأسرة - وأحيانًا قلّة النوم والتعب العام يمكن أن يُسبب هذا، بالإضافة إلى بعض الأمراض البدنية، والتي يمكن أن تجعل الإنسان أقلّ قدرة على التركيز وأكثر ميلاً إلى الشرود والسرحان.

أمَّا كيف يمكن أن تُخفف منه؟
فأولاً: عن طريق التخفيف من أسبابه، كتخفيف الضغط النفسي الذي تشعر به، وتنظيم الوقت، وأخذ ساعات مناسبة من النوم، والابتعاد عن الإجهاد البدني، والتغذية الصحية.

أخي الفاضل: لعلَّ فيما ذكرتُه لك مفيد، وإذا تعذّر لك التخفيف من هذا الشرود الذهني، والذي أيضًا ربما له علاقة بالاكتئاب، إذا استطعت أن تُغيّر وتُعدّل من نفسك فنعمَّا بها، وإلَّا أنصحك بأن لا تتردد أو تتأخر في مراجعة العيادة النفسية؛ ليضع لك الطبيب التشخيص المناسب، ومن ثم العلاج المناسب.

داعيًا الله تعالى لك أن يشرح صدرك، ويُذهب همّك، ويوفقك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً