الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اختفت أعراض الهوس عند ولدي وعادت أعراض الاكتئاب!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ولدي كان يعاني من وساوس المرض، ووساوس ردود أفعال الآخرين، والمستقبل، والانطواء، والوساوس الدينية والعقيدة، ورفض الذهاب للكلية بحجة الصداع.

قمنا بزيارة طبيب نفسي وقال: إنه يعاني من القلق والاكتئاب والوسواس والرهاب، ووصف له دواء سيروكسات 40 مليجرام، يأخذها بشكل تدريجي، وبعد مرور شهر تحسن مزاجه، وأصبح يحاور ويسأل ويمزح ويخرج مع ابن عمه، وقرر العودة للدراسة واستمر لمدة شهر.

بعد ذلك أصبح كثير الكلام ومندفعًا، وفي أحيان أخرى كثير السعادة، ومرة يكون عصبيًا، ويرى نفسه قويا يتحدى ويستفز الآخرين، ثم قام بنشر منشورات غريبة عن الدين وقرب يوم القيامة، وضرورة التوبة، ومحاربة الإلحاد، وهداية الناس، وعن المهدي المنتظر وغيرها، وأحيانًا ينكر وجود الله والدين، وترك الدراسة مرة أخرى.

ذهبت به إلى طبيب آخر، وقال بأنه مصاب بمرض الاضطراب الوجداني، ويمر بنوبة هوس بسبب دواء سيروكزات، ووصف له الطبيب:
- دواء اولا زيبركسا 5 مليجرامز
- وديباكين كرونو 500 مليجرام ليلًا.

تحسنت حالته تدريجيًا، واختفت أعراض الهوس، ولكن رجعت له أعراض الاكتئاب والانطواء والوساوس الدينية، فأعطاه الطبيب دواء بروزاك حبة 20 مليجرام صباحًا، تحسن قليلًا فزاد الجرعة حبة أخرى، تحسن كثيرًا لكن ما زالت تأتيه نوبات الاكتئاب، وتراوده الوساوس في العقيدة، مع أنه يصلي ويخرج للتسوق والتنزه معنا، ولكنه يتحاشى المواجهة، فهو كثير التفكير ويتوقع الأسوأ، ويعاني من الصداع وضيق التنفس.

السؤال: هل من الممكن أن يكون التشخيص غير صحيح، وحالته اكتئاب ووسواس، أو قلق معمم؟

شكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رضوان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك –أخي الفاضل– عبر استشارت إسلام ويب، ونشكر لك كتابتك إلينا بهذه التفاصيل عن ولدكم، كتب الله له تمام الصحة والعافية.

أخي الفاضل: يغلب على ظني أن التشخيص الذي يعاني منه ولدكم هو ما ذكره الطبيب الثاني، وهو اضطراب المزاج أو ثنائي القطب، حيث تتراوح الحالة المزاجية بين الاكتئاب وبين الهوس والذي هو عكس الاكتئاب، ففي حالة الاكتئاب يبدأ الإنسان المُصاب تظهر عليه أعراض القلق والتوتر، وربما الحزن، والابتعاد عن الناس، وترك الدراسة أو العمل أو غيرهما.

ثم إذا دخل في حالة الهوس فهذا أيضًا يُفسّر بعض الأعمال التي قام بها ولدكم من شعوره بالسعادة المبالغ فيها، والعصبية، ويعتقد أنه شديد القوة، ويحاول أن يستفزَّ الآخرين، ويتكلَّم بكلام غريبٍ سواء عن الدِّين، أو يوم القيامة، أو غيرها.

والمشكلة في اضطراب ثنائي القطب أن المُصاب عندما يكون في حالة من الاكتئاب، يجب أن يكون التركيز على إعطائه مضاد الاكتئاب، مثل دواء الـ (سيروكسات) الذي وصفه له الطبيب، ثم إذا دخل في حالة الهوس فعلينا أن نُعطيه الأدوية الأخرى المضادة للهوس والمضادة لحالة الذُّهان، كالدواء الذي وُصف له الـ (أولا زيبركسا) أو (أولانزابين)، بحيث يُخفض من درجة انفعاله وحالة الهوس التي هو فيها.

المشكلة –أخي الفاضل– أن هذا المصاب تتراوح حالته المزاجية بين الاكتئاب لفترة من الوقت وبين الهوس في وقتٍ آخر، لذلك علينا أن نتابع المريض بشكل قريب، فإذا دخل في الاكتئاب نُركّز على مضادات الاكتئاب، وإذا دخل في الهوس نركّز على مضادات الهوس.

أمَّا الدواء الآخر وهو الـ (ديباكين) فهو أيضًا جيد، وهو يُصنّف ضمن الأدوية المعدِّلة للمزاج، فيأخذ هذا الدواء سواء كان في حالة اكتئاب أو في حالة هوس، فالأدوية المُعدِّلة للمزاج تُخفف من شدة تقلُّب المزاج بين الاكتئاب والهوس، وتُباعد بين النوبات، وتُخفف شدة هذه النوبات.

أخي الفاضل: أدعوك أن تبقى على تواصل مع الطبيب النفسي الذي يُعالج الاضطراب العاطفي ثنائي القطب، وعلى فكرة: ليس مستغربًا أن يترافق هذا الاضطراب مع أمورٍ أخرى: كالقلق والتوتر وبعض الأفكار الوسواسية.

داعيًا الله تعالى لولدكم بتمام الصحة والعافية، وأن يجزيك خيرًا على رعايته، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً