الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قلق وخوف ونظرة سلبية للحياة، فما علاج حالتي؟

السؤال

السلام عليكم.
بدايةً: أود شكركم على مساعدة الناس في هذا الموقع المبارك.

أعاني من قلق وخوف من كل قرار مصيري، وأصبحت شديد الملاحظة، وأفسر كل أمر على أنه سلبي.

كما أواجه صعوبةً في النوم، وفي الأكل، لدرجة أنني لم آكل لثلاثة أيام متواصلة، ولا أنام إلا ثلاث ساعات في اليوم كحد أقصى، لقد تعبت جدًا.

وقد ذهبت لدكتور نفسي، وأعطاني efexor 75 m g مرتين في اليوم، ولكني لم أجد له فائدةً، واستمعت لعدة محاضرات عن القلق وكانت بلا فائدة أيضًا، وأصبحت حياتي سلبيةً، وأتوقع الأسوء دائمًا.

أرجو مساعدتي، وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Sbm حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالظواهر التي تعاني منها، والتي ذكرتها، والتي تتمثل في وجود قلق وخوف، وخاصةً حين تريد أن تتخذ قرارًا مصيريًا، كما أنك دقيق وشديد الملاحظة، وتميل دائمًا للتفسيرات السلبية المتشائمة، وتجد صعوبةً في النوم، هذه درجة معروفة من قلق المخاوف السلبي.

أما موضوع التشاؤم، والتفسير السلبي: فهو ناتج من البناء النفسي لشخصك الكريم.

أخي الكريم: التطير مذموم ومرفوض، ويجب على الإنسان أن يحسن الظن بالله تعالى دائمًا، وأن يحسن الظن بالناس، وأن يحسن الظن بنفسه أيضًا، لكن هذا يجب أن يكون على ثوابت إيجابية.

أخي الكريم: يجب أن تأخذ بالأسباب، وأن تتدارس الأمور بصورة معقولة، وأن توفر الأسباب التي تقودك إلى مبتغاك، ولا يمكن للإنسان مثلاً أن يتخذ قرارًا مصيريًا في موضوع ما دون أن يكون قد أخذ بالأسباب الحقيقية، وتجمعت لديه كل العوامل المتعلقة بالموضوع، وبصورة منطقية جدًا، بحيث يستفيد من هذه الأسباب ليصل إلى المآلات الإيجابية.

كما أنه يجب دائمًا على الإنسان في حال القرارات المصيرية، والأمور الكبيرة، وحتى الأمور العادية أن يستخير؛ فالاستخارة عظيمة جدًا، حيث إنه بعد أن يستشير الإنسان نفسه، أو يستشير الآخرين، ينبغي أن يستخير؛ لأن الاستخارة حقيقة معناها أن تطلب من الذي بيده الخير وهو الله تعالى أن يختار لك الخير، وأن يجنبك الشر.

قم ببعض التمارين النفسية، والتمارين الفكرية والعقلية على هذا السياق، كما أن الأمور كلها دائمًا توجد في ثنائية؛ فكل الكون بني على شيء من الثنائية، وكل شيء يقابله شيء آخر، فلماذا تختار السلبي؟ ولماذا تلجأ إلى السلبي؟ حاور نفسك، وناقش نفسك، وأقنع نفسك بأن هناك ما هو إيجابي أيضًا، والإنسان دائمًا يسعى إلى أن يبشر نفسه، ويبشر الآخرين، فنعيش على الأمل، ونعيش على الرجاء.

أنت تحتاج إقناع نفسك ذاتيًا بأنه لا توجد أي حبوب حقيقة تؤدي إلى تغيير في هذا المنهج من التفكير، والإنسان يكون إيجابيًا من خلال إنجازاته، ونحن نقول من الناحية السلوكية دائمًا: إن الإنسان هو عبارة عن مثلث، الضلع الأول: هو الأفكار، والضلع الثاني: هو المشاعر، والضلع الثالث: هو الأفعال؛ فأفكارنا يجب أن نجعلها دائمًا إيجابيةً، ومشاعرنا كذلك، وأفعالنا كذلك، وإذا فشلنا في تغيير الأفكار والمشاعر، فإننا نسعى بالرغم من ذلك إلى أن تكون أفعالنا أفعالاً جيدةً، ومفيدةً، وإيجابيةً، والإنسان حين ينجز من خلال الأفعال الإيجابية فسوف يتغير فكره،وكذلك شعوره ليصبح إيجابيًا، وحين يتحقق الفكر الإيجابي والشعور الإيجابي فلا شك بأن المزيد من الأفعال الإيجابية سوف تأتي، وهكذا.

أدخل نفسك في هذه الدائرة السلوكية الجميلة جدًا، وقس نفسك كذلك بمنجزاتك، ومن أفضل الأشياء أن يكون الإنسان مديرًا لوقته بصورة إيجابية، وأن يكون نمط حياتك كذلك إيجابيًا.

ونمط الحياة الإيجابي له شروط معروفة: أن يحسن الإنسان إدارة وقته، وأن يتجنب السهر، وأن يحرص على العبادة، وخاصةً الصلاة على وقتها، والتواصل الاجتماعي، والقيام بالواجبات الاجتماعية، وصلة الرحم، والتميز في العمل، والتطور وتحسين المهارات، والترتيب الغذائي السليم، فهذا كله يؤدي إلى نمط حياة إيجابية يجب أن ينتهجه الإنسان مهما كانت مشاعره؛ لأن المردود الإيجابي كبير جدًا حين نغير سلوكنا لنصبح إيجابيين في كل شيء.

صعوبة النوم طبعًا ناتجة من القلق، والأمر يحتاج منك لشيء من التنظيم:
- أن تتجنب النوم النهاري.
- أن تتجنب السهر.
- أن تمارس الرياضة.
- أن تتجنب شرب الميقظات -كالشاي والقهوة- بعد الساعة الخامسة، أو السادسة مساءً.
- أن تحرص على أذكار النوم.
- أن تمارس تمارين الاسترخاء، وتمارين التنفس المتدرجة من التمارين الممتازة، ومن التمارين البسيطة جدًا والمفيدة جدًا، ويمكنك أن تتعلم هذه التمارين من خلال الاطلاع عليها في أحد المواقع الموجودة على الإنترنت.

كما أنك قمت بزيارة الطبيب، وأعطاك عقار الإفيكسر، وهو دواء جيد، لكنه لا يحسن النوم، وأنا أعتقد أن الإفيكسر يمكن أن يدعم بدواء آخر مثل: عقار (كواتبين، وسيركويل) بجرعة 25 مليجرامًا ليلاً؛ سوف يكون جميلاً ومفيدًا جدًا، طبعًا الإفيكسر يفضل تناوله بجرعة واحدة في اليوم، فلو تناولت 150 مليجرامًا يوميًا كجرعة واحدة، فهذا قد يكون أفضل؛ لأن العمر النصفي لهذا الدواء طويل نسبيًا، ولا داع لأن يكثر الإنسان من الجرعات، ويمكنك أن ترفع الجرعة أيضًا حتى 225 مليجرامًا، ولكن هذا يجب أن يكون باستشارة طبيبك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً