الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نوبات خوف وقلق ترافقني عند الخروج والنوم!

السؤال

السلام عليكم.

أعاني منذ عام 2001 وحتى الآن من القولون العصبي، وقد ذهبت لعدة أطباء، واستخدمت علاجات عديدة، ولكن دون جدوى، وقد أجريت منظارًا في عام 2007، وظهر لدي بأن القولون سليم، وفي عام 2019 أصابتني نوبة خوف من الثوب الذي كنت أرتديه، وكنت في الشارع، فجريت إلى البيت وخلعت الثوب، وفي يوم آخر بعد تلك الحادثة بأيام لبست الثوب نفسه، فأصابني نفس الإحساس، ولم أعد ألبسه مرةً أخرى.

ثم بعد فترة أصابني الخوف عندما كنت لوحدي، وذهبت إلى طبيب الباطنية، وأعطاني علاجًا مهدئًا لمدة 9 أشهر، فتحسنت حالتي قليلاً، ولكن بعد انتهاء العلاج أرجع لحالتي كما كنت من قبل، ثم ذهبت إلى طبيب نفسي، وأعطاني علاجات كانت تخفف من حالتي، ولكن سرعان ما أعود لحالتي! فأصبحت أخاف من الذهاب إلى أماكن بعيدة، أو أن أسافر، أو أحضر المناسبات الاجتماعية.

والله لقد تعبت جدًا، وأشعر بالضيق عندما أقوم في الصباح، كما أن نومي تأثر أيضًا؛ فقد أصبحت لا أستطيع النوم إلا في الساعة 2 أو 3 فجرًا؛ بسبب نوبات الخوف والقلق من الليل، أريد الرجوع إلى وضعي الطبيعي، والذهاب إلى كل مكان دون خوف أو قلق.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Esam حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في إسلام ويب.

أخي: تشخيص حالتك هو: إنك تعاني من قلق المخاوف؛ فأنت لديك نوع من القلق، أو الخوف المعين الذي يسمى (برهاب الساحة)؛ بمعنى أنك لا تستطيع أن تذهب إلى الأماكن البعيدة لوحدك، أو الأماكن المزدحمة، وهذه الظاهرة معروفة، وإن كانت ليست منتشرةً، وهذه المخاوف ليست دليلاً على أنك جبان، أو أنك ضعيف الشخصية، أو أنك قليل الإيمان، لا، إنما هو نوع من الخوف المكتسب، حدث لديك بسبب تجربة سلبية سابقة.

والعلاج -يا أخي- هو التجاهل، وعدم التجنب؛ بمعنى أن تقتحم مصادر خوفك، والأمر بسيط جدًا؛ حيث يكون هذا التعرض أو الاقتحام بالتدريج، ولا بد أن تكون لك برامج يومية: كأن تضع في اليوم برنامجًا بأنك سوف تذهب وتصلي في مسجد أبعد من منزلك، أو أبعد من المسجد الذي هو بالقرب من منزلك، وهذا برنامج تعد له نفسك ذهنيًا، وتعرض نفسك أولاً فيما نسميه بالتعرض في الخيال؛ يعني أن تتصور أنك قد توضأت، وخرجت من منزلك بهدف العلاج، لن تصلي في المسجد الذي هو بالقرب من منزلك، ولكن تصلي في المسجد الآخر، والذي يبعد عن منزلك قليلاً، وتمشي هذه المسافة، وبعد ذلك تصل إلى المسجد، والمسجد هو مكان الأمان، والاطمئنان، وتصلي، وتقابل المصلين، ثم ترجع إلى منزلك.

يجب أن تعيش الرحلة في خيالك أولاً، وهذا نسميه بالتعرض في الخيال، وفي اليوم الثاني تذهب أيضًا إلى مكان آخر، إلى دكان مثلاً، ويجب أن يكون بعيدًا عن المنزل، وتعيش الرحلة في الخيال، ثم تعيشها في الواقع، ولا بد أن تقوم بنشاط يومي، وهذا مهم جدًا، وبعد أسبوعين سوف تجد أن الأمور أصبحت أفضل بكثير.

ويمكنك أن تذهب مع رفقة آمنة -كصديق أو مع أخ- إلى الأماكن البعيدة، وبعد ذلك تجرب أن تذهب لوحدك، وهذا نسميه (العلاج بالتعريض) مع منع الاستجابة السلبية، والذي يهرب من هذه المواقف قطعًا سوف يتأصل فيه الخوف، ويتأصل فيه التجنب، أما الذي يعرض نفسه تعريضًا في الخيال، ثم يتعرض له في الواقع، فإنه سيستطيع تمامًا أن يتخطى هذه العلة بكل سهولة.

وما يحدث لك من توتر عند نوبة الخوف، وربما تسارع في ضربات القلب، وربما شعور شديد بخفة الرأس، أو الشعور بدنو الأجل -يحدث لبعض الناس-، وقد قابلني الكثير من الذين يمرون بهذه الأعراض، وأنا أؤكد لك أنها كلها أعراض مبالغ فيها، فاعرض نفسك، وهذا هو العلاج الأساسي.

أما موضوع القولون العصبي، أوالعصابي: فيعرف أن التوترات النفسية تؤدي إلى توترات جسدية، وأكثر أعضاء الجسد توترًا هو القولون، أو عضلات القفص الصدري، لذا تجد الكثير من الناس يشتكون من كتمة الصدر، أو الوخزات في القفص الصدري، والبعض يشتكي من الصداع؛ لأن عضلة فروة الرأس هي عضلة كبيرة جدًا، وأي توتر نفسي سيؤدي إلى توترها، وانقباضها، مما يجعل الإنسان يحس بألم في رأسه.

ومن الأمور المهمة جدًا للعلاج هي:

ممارسة الرياضة، وخاصةً رياضة المشي، أو رياضة الجري، أو أي رياضة جماعية، وهذه كلها ستكون مفيدةً لك، وهنالك أيضًا تمارين نسميها بتمارين الاسترخاء، أرجو أن تطبقها، وتلتزم بها، وسوف تفيدك كثيرًا؛ حيث توجد على اليوتيوب برامج كثيرة توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء.

أيضًا كثرة التفاعلات الاجتماعية، والحرص على التواصل الاجتماعي، وعدم التخلف من الواجبات الاجتماعية، والحرص على الصلاة مع الجماعة في المسجد، لا شك أنها أدوات علاجية مهمة جدًا، فاجعل لنفسك نصيبًا دائمًا منها .

سوف أصف لك أدويةً مفيدةً ورائعةً، ستجد منها -إن شاء الله تعالى- خيرًا كثيرًا:

الدواء الأول: يسمى (السيرترالين)، هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري (اللسترال أو الزوالفت)، وربما تجده في اليمن تحت مسمى تجاري آخر، الجرعة تبدأ بـ 25 ملغ، أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على 50 ملغ، تتناولها لمدة 10 أيام، ثم بعد ذلك اجعلها حبةً واحدةً يوميًا لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم حبةً واحدةً يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناوله.

أما الدواء الآخر فيسمى (الدوجماتيل) هذا هو اسمه التجاري، ويسمى علمياً (السلبرايد)، أريدك أن تتناوله بجرعة 50 ملغ صباحًا ومساءً، لمدة شهرين، ثم 50 ملغ صباحًا لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناوله، وكلا الدواءين من الأدوية السليمة، والفاعلة، وغير الإدمانية، وغير التعودية.

أسأل الله تعالى أن ينفعك بها، وأشكرك كثيرًا على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً