الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أهلي يجبرونني على الزواج بابن عمي وأنا لا أريده، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أنا عمري 18 سنة، قبل ثلاث سنوات فتح أبي معي موضوع الخطبة من ابن عمي، والذي يكبرني بعشر سنوات، وهو يعيش في بلد آخر، وقال أبي إنه من ضمن الاختيارات، وأنه ليس شيئًا أكيدًا، وفي هذه السنة جاء ابن عمي مجدداً، لكن أبي لم يسألني، وقال سوف أزوجك لابن عمك، والخطبة ستكون بعد أسبوع من الآن، وكان ذلك مطلع هذا العام.

لم أقل شيئًا، لأني اعتقدت أنهم قد كتبوا الكتاب بالفعل دون إذني، لكن مع العلم أنهم لم يكتبوا الكتاب، وأنه لا تزال أمامهم أيام للقيام بذلك، فقلت: لا أريده، ولا أوافق على هذا الارتباط، لكن والدي لم يقبل كلامي، وقال: (إنه كان يجب عليَّ أن أخبره في وقت سابق، قبل أن يُعطي الموافقة لابن عمي، وأنا لا أستطيع إلغاء الخطوبة) ولأن ابن عمي دعا الناس لحضور حفل الخطبة، على الرغم من أنهم لم يكتبوا الكتاب!

لقد رفض أبي رأيي، رغم عدم كتابة الكتاب؛ وابن عمي سيفقد ماء وجهه بعد دعوة كل هؤلاء الأشخاص، وهو يعيش في بلد آخر، والخطبة كانت عبر الهاتف، لكني لم أشارك فيها؛ لأن والدي قال إنه سيغضب إذا قلت لا، عندما يسألني الشيخ (المأذون) إذا كنت أوافق أم لا، لذلك أخذ والدي دور مستشار لي، وقال نيابة عني أني موافقة.

مرّ عام منذ خطبتنا، على الرغم من رفضي المستمر، وفي كل مرة يُذكِّر والداي ابن عمي، وتزداد الأمور سخونة، وابن عمي يطلب باستمرار التحدث معي، وأنا لا أريد. أخبرت والدي أنه حرام أن يجبرني على هذا، لكنه وأمي يقولان إنهما يعرفان ما هو الأفضل بالنسبة لي، وأنا متعبة عقليًا من ضغطهما، ولا أريد الاستسلام، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ kargen حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - بنتنا الفاضلة - في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

لا شك أن الوالد والوالدة من أحرص الناس على مصلحة بنتهم، ولكن أمر الزواج أيضًا يُبنى على الرضا والقبول، وأريدُ أن أذكّرك بقصة الأنصارية التي جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ (ﷺ) فَقَالَتْ: (إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ لِيَرْفَعَ بِي ‌خَسِيسَتَهُ؟! فَجَعَلَ (ﷺ) الْأَمْرَ إِلَيْهَا). لكن تلك الفاضلة العاقلة قَالَتْ بعد ذلك: (قَدْ أَجَزْتُ مَا صَنَعَ أَبِي، وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ تَعْلَمَ النِّسَاءُ أَنْ لَيْسَ إِلَى الْآبَاءِ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ)، وعبارة (قَدْ أَجَزْتُ مَا صَنَعَ أَبِي) فيها من البركة والخير ما لا يعلمه إلَّا الله تبارك وتعالى.

ونحن نتمنَّى أن تتواصلي مع الموقع لتعرضي أسباب الرفض، هل هناك أسباب محددة ترفضين لأجلها ابن العم؟ وابنُ العمِّ بأرفع المنازل

وإن ابن عم المرء -فاعلم- جناحه ... وهل ‌ينهض ‌البازي بغير جناح

لذلك أرجو أن تُعيدي النظر في قرار الرفض، ولا تُحرجي والديك، واعلمي أن عمّ الإنسان صنو أبيه، وابن العمِّ من أقرب الناس إلى الفتاة. وإذا كانت لك أسباب أرجو ذكرها حتى نناقشها معك، أمَّا إذا كان هذا الرفض فقط لأن الإجراءات كانت بالطريقة التي غيّبوا فيها رأيك؛ وتكلّم الوالد دون الرجوع إليك؛ فأرجو ألَّا تجعلي هذا سببًا، فالعبرة بابن العمِّ هذا، إذا كان صاحب دين وخُلق وفيه خيرٌ؛ فننصح بالقبول به ولا ننصح بتفويت الفرصة، وسعيدةٌ مَن تفوز بزوجٍ يرضى عنه الوالد وترضى عنه الوالدة؛ لأن هذا سيعينها على بِر والديها وعلى الإحسان إليه.

إذًا لا تجعلي الرفض لمجرد الرفض؛ لأن الخطوات لم تكن بالطريقة الصحيحة، أو لم يشاورك أبوك في البداية ولم يأخذ رأيك في الموافقة على ابن عمك، لذلك نتمنَّى أن تُديري هذا الملف بأعصاب هادئة، ونكرر دعوتنا لك بكتابة التفاصيل حتى نناقشك حولها.

ولكننا مبدئيًا نريدُ أن نقول: الأمر الذي فيه إرضاء للوالدين أوله بركة وآخره بركة، وفيه الخير الكثير. وأنت عندما ترصدين ما في ابن العمِّ من سلبيات، تذكّري أننا بشر، وأنّا لا نخلو من النقائص رجالاً ونساءً، وطوبى لمن تنغمر سيئاته القليلة في بحور حسناته الكثيرة.

فنسأل الله أن يُعينك على الخير، وأن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً