الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطوات علاجية للتخلص من قلق الفراق المتمثل في الخوف الشديد على الأصدقاء

السؤال

لا أعرف كيف أبدأ، لكن ما أعاني منه هو وسواس وقلق شديد يلازمني، وتفكير مستمر حرمني النوم والسعادة والاندماج مع الناس.

مشكلتي بدأت عندما توظَّفَت إحدى صديقاتي في قرية نائية وطريقها خطر جداً، فقد كنت أقلق وأخاف أن يصيبها مكروه (حادث) فكنت أكرر الاتصال بها وهي في الطريق سواءً في ذهابها أو عودتها.

كنت يومياً على هذا الحال حتى أصبت بوسواس أخاف أن يصيبها مكروه، وعندما لا ترد يجن جنوني وأخرج عن سيطرتي، حتى إنني أخجل من كثرة مكالماتي المزعجة، وفي كثير من الأيام لا ترد على مكالماتي فتتعب نفسيتي ولا أذوق طعم النوم.

تطورت حالتي وأصبحت أقلق على كل من حولي وهم موجودين معي بنفس البلد، فأتصل على جميع صديقاتي وعندما لا يردون على هواتفهن أقلق وتصيبني نوبة بكاء حتى أني أخاف على نفسي من الجنون، وكم من مرة أعاهد نفسي بأن أكف عن الاتصال بهن وإزعاجهن لكني أعاود الاتصال بهن إلى درجة أنني قد أكرر الاتصال من 8 إلى 9 مرات يومياً، وعندما لا يردين على الهاتف يجن جنوني.

أريد أن أتوقف عن الاتصال، حاولت وعاهدت نفسي أن لا أعاود الاتصال، وأحاول طمأنة نفسي بأنهن قد يكن مشغولات أو لم يردن الاتصال لكن دون جدوى، أمكث أياماً وأنا أتصل ولا أرتاح حتى يجبن علي.

أتساءل إلى متى سوف أظل على هذه الحال؟ وأحاول المقاومة بالصلاة والأذكار وقراءة القرآن ولكن دون جدوى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مرام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

بالطبع أنتِ لست مريضة ولكن هذه عادة مكتسبة، وهي بالطبع لا تخلو من السمات الوسواسية – كما ذكرتِ – ويظهر أنك شديدة الالتصاق وشديدة الاقتراب والمودة لمن تعرفين.

حقيقة في مثل هذه الحالات لا يكون الاتصال بالآخرين فقط من قبيل الشفقة عليهم، ولكن أيضاً لأن الاتصال يشعرك بالاطمئنان أن الآخرين مازالوا قريبين منكِ وما زالوا على اتصال معك هذا يسمى بقلق الفراق، وهو يؤدي إلى مثل هذا التصرف الوسواسي.

كما ذكرت -أيتها الأخت الفاضلة- عليك بالإصرار والعزيمة ألا تتصلي مطلقاً، عليك أن تجري حواراً واضحاً وقوياً مع نفسك أن هذه عادة سخيفة ويجب ألا تكرر مطلقاً اجلسي يوماً وقولي: لن أتصل مطلقاً، وحين تأتيك الرغبة والدافعية لهذا الاتصال غيري مكانك، وقومي على سبيل المثال بالضرب على يديك بشدة حتى تحسين بالألم، أي اقرني هذا الألم بالشعور والاندفاع نحو الاتصال، كرري ذلك عدة مرات، فارتباط هذا الاستشعار المخالف - وهو الألم في هذه الحالة – بالرغبة في الاتصال سوف يضعف هذه الرغبة كرري مثل هذه التمارين أو تمارين مماثلة تؤدي إلى ما يعرف بافتقاد أو ضعف ما يعرف بالارتباط الشرطي.

يمكنك أيضاً أن تتخيلي أنك سوف تقومين بفعل آخر حيال صديقاتك قولي على سبيل المثال: حين تذهب صديقتي إلى العمل هذا اليوم سوف أدعو لها، أو أنني سوف أبدأ في قراءة كتاب اربطي هذه الأفعال المخالفة بالشعور الوسواسي، وسوف تجدي أنه قد تم استبدال الخوف والقلق والوساوس التي تنتابك.

الشيء الآخر: هو الإقناع الداخلي مع نفسك، الإقناع أن هذا العمل ليس من المفترض أن يكون، وأنه لا يطابق شخصيتك وعمرك، فأنت ولله الحمد وصلت لمرحلة النضوج النفسي.

الجزء الأخير في العلاج - ولا بأس به أبداً - هو أن تتناولي أحد الأدوية البسيطة المضادة للقلق والمخاوف والوساوس لفترة بسيطة العقارات التي تعرف باسم (Ssris) تعتبر عقارات جيدة ومفيدة جدّاً وأحد هذه الأدوية يعرف باسم زولفت، يمكنك أن تتناوليه بجرعة حبة واحدة في اليوم – أي 50 مليجراماً – لمدة شهرين، ثم خفضيه لحبة واحدة يوم بعد يوم لمدة ثلاثة أسابيع، ثم توقفي عن تناوله.

إذن أهم شيء هو المقاومة الفكرية والمعرفية.

ثانياً: اربطي الفكرة الوسواسية بتفاعل آخر.

ثالثاً: تناولي الدواء الذي وصفته لك؛ وسوف تنتهي -إن شاء الله- هذه الأفكار الطقوسية.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً